د.حسين السلطاني …
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و صلى الله على محمد و آله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم اخوتي ، اخواتي ، الحضور جميعاً و رحمة الله وبركاته احييكم جميعاً و ارحب بكم اجمل ترحيب ، و اعربُ عن اعتزازي و تقديري لحضوركم الكريم في هذا الحفل الذي تقيمه مؤسسة السجناء بمناسبة الانتصارات التاريخية التي تحققت على ايدي قواتنا المسلحة و اجهزتنا الامنية و حشدنا الشعبي .
ابارك لكم هذا الانجاز العظيم الذي سطره هؤلاء الغيارى ،نسأل الله ان يكون هذا الانتصار فاتحة خير لتحرير بلدنا و خلاص شعبنا من قوى الارهاب و التكفير و الضلال .
اخوتي الاعزة : لقد كانت معركة الموصل ، بحق ، معركةً تاريخية و استثنائية بامتياز ، من حيث طبيعة المعركة ، او نوعية العدد و جغرافية المنطقة ، فطبيعة المعركة كانت طبيعة خاصة تختلف في سياقاتها و اساليبها ، عما اعتادت عليها الجيوش النظامية ، التي عادة ، ما تعتمد في حروبها على الهجوم الصاخب ، و الكثافة النارية ، و الجهد الالي ، و التنوع الصنفي ، و هذه المعركة انحسرت فيها اغلب هذه الاساليب ، و اجبرت قواتنا على اعتماد خيارات محددة و واهنة ، الامر الذي اكسب العدو اكثر من نقطةٍ لصالحه ، مضافاً الى انه يخوضُ المعركة من موضع الدفاع ، و له معرفةٌ تفصيلية بطبيعة المدينة و مسالكها ، اما نوعيةُ العدو ، فقد واجهت قواتنا المسلحة ، عدواً شرساً و متدرباً ، و معبأً فكرياً و نفسياً بأسوء انواع الضلال ، و اعلى درجات الحقد و البغض ، و أشد مراتب القسوة و موت الضمير أجاز لنفسه استباحة كل المحرمات ، و انتهاك كل الحقوق ، فاتخذ من الاطفالِ و الشيوخ و النساء دروعاً بشرية لعرقلة تقدم قواتنا المسلحة ،و بالتالي سبب لهم حرجاً شديداً في خوضهم لهذه المنازلة المشرفة .
اما جغرافية المعركة ، فقد شكلت ، هي الاخرى ، تحدياً كبيراً لقواتنا المسلحة ، حيث خاضت هذه القوات الباسلة معركةً في مدينةٍ مكتظةٍ بالسكان ، و عامرةٍ بالبنايات العالية ، و مليئةٍ بالازقة الضيقة ، و الموانع المتعددة .
يضاف الى ذلك التوصيات الاكيدة التي وجهتها مرجعيتنا الرشيدة لقواتنا المسلحة ، و التعليمات المشددة التي عممها القائدُ العام الدكتور حيدر العبادي لها ، القاضية بضرورة الحفاظ على حياة المدنيين و حماية ممتلكاتهم في ظل هكذا واقع معقد ، و ظروف سياسية و اقتصادية استثنائية ، و قلةٍ في الدعم التسليحي و اللوجستي ، استطاع ابناء العراقي الغيارى من انتزاع مدينة الموصل الحدباء من مخالب قوى الارهاب بالقوة ، و اخبروهم في نهاية المطاف على الاستسلام و اعلان الهزيمة بعد ان كبدوهم خسائر فادحة بالارواح و المعدات .
لقد خاض ابناء القوات المسلحة ، على مختلف صنوفهم ، من ابطال جهاز مكافحة الارهاب ، و بواسل الشرطة الاتحادية و الرد السريع ، و فرسان طيران الجيش و القوة الجوية و ابطال الفرقة السادسة ، و القطعات الساندة الاخرى
لقد خاض الجميع معركة مشرفة ، و سطروا خلالها ملاحم بطولية و مواقف انسانية نبيلة ، ستبقى خالدة على جبين التاريخ و انشودة يتغنى بها الاحرار عبر الاجيال.
اخوتي الاعزة : ان هذا الانجاز الكبير الذي تحقق على ايدي قواتنا المسلحة ، تقفُ وراءه عوامل متعددة
العامل الاول : وجود المرجعية الرشيدة ، فقد كان لهذا الوجود المبارك المتمثل بالمرجع الكبير اية الله العظمى السيد علي السيستاني و الفتوى الشرعية التي صدرت عن هذا الرجل العظيم اثره البالغ في تعبئة الامة و تفجير طاقاتها و شحذ همم ابنائها ، بما فيهم ابناء القوات المسلحة خصوصاً ، و ايقظت فيهم روح الاستعداد للتضحية و الاستشهاد و الاستبسال،و بهذا تكون المرجعية هي المنطلق و المحور لكل ما تحقق من انتصارات خالدة و مواقف مشرفة ، فلها منا جميعاً اسمى ايات التقدير و الثناء و العرفان .
العامل الثاني : استجابة ابناء الشعب العراقي لنداء المرجعية فما ان صدرت الفتوى من المرجعية بوجوب الجهاد الكفائي حتى هب هذا الشعب الغيور ، بكل طوائفه و قومياته و شرائحه الاجتماعية ، ملبياً لهذا النداء الالهي ، و واضعاً روحه على كفه ، و مستعداً للتضحية بها في أي مكانٍ يستدعي الواجب الديني و الوطني ان يكون متواجداً فيه ، و لسان حاله بقي يردد على الدوام.
سأحمل روحي على راحتى و ألقي بها في مهاوي الردى
فاما حياة تسر الصـــــــــديق و اما ممات يقبض العدى
و بهذا الاستعداد للتضحية من الجميع ، الاباء و الامهات و الزوجات و الابناء دفع الشهداء العظماء ، و الجرحى الغيارى و المقاتلين الابطال ، و من ورائهم الشعب العراقي الأبي ، دفع هؤلاء الغيارى جميعاً خطراً كبيراً عن العراق ، و افشلوا مخططاً دولياً ، لتفتيت المنطقة ، و تأجيج الصراعات الطائفية و القومية بين شعوبها ، و بالتالي اسقطوا دولة الخرافة ، و كسروا ظهر الارهاب و الارهابيين ، الذين شوهوا معالم الدين ، و فرقوا شمل المسلمين ، و بددوا طاقاتهم ، و مكنوا عدوهم من التدخل في شؤونهم و نهب ثرواتهم ، فتحية اجلال و اكبارٍ لشعبنا الكريم ، و الخلدُ و الجبان و الرفعة و السهو لشهدائنا العظام ، و الشفاء العاجل لجرحانا البواسل ، و تحية فخر و اعتزاز لعوائل الشهداء و الجرحى و المقاتلين ، و كل من ساهم في هذه المعركة بقول او فعلٍ او حتى على مستوى المشاعر.
العامل الثالث : وجود الحشد الشعبي
ان من اكبر النعم التي تحققت في ظل هذه المعركة المقدسة هو تشكيل الحشد الشعبي ، الذي ضم في صفوفه خيرة ابناء العراق ، على مختلف طوائفهم و قومياتهم و تحمل بشرف مسؤولية الدفاع عن العراق ، و حماية العراقيين و مقدساتهم و ابلى هؤلاء الغيارى ، منذ بداية المعركة ، و لا يزالون ، بلاءً حسناً ، وسطروا ملاحم خالدة ، اجبرت العدو قبل الصديق للاذعان لها و الاعتراف بها ، و لولا وجود الحشد الشعبي في معركة الموصل ، و قطعه لجميع الامدادات المتدفقة باتجاهها ، و صده لمئات الهجمات الشرسة ، و تقديمه كل تلك التضحيات الجسيمة ، لولا وجود هؤلاء الغيارى و تضحياتهم ، لم يتحقق لنا ان نشهد هذا الانتصار الكبير ، و نعيش هذه الفرحة العارمة بتحرير الموصل ، و خلاص اهلها من تلك الوحوش الكاسرة ، فتحية حب و تقدير و ثناءٍ و اجلال لابناء الحشد الشعبي ، و لشهدائهم ، و جرحاهم ، و عوائلهم الكريمة و ان من اقل الواجبات علينا تجاههم هي المحافظة عليهم ، و الاعتزاز بهم و تمجيد مواقفهم ، و تخليد تضحياتهم .
العامل الرابع : هو مساندةُ الدول و الشعوب الصديقة ، و في مقدمتها الجمهورية الاسلامية في ايران ، فهذه الدولةُ الاسلاميةُ بحق و الجارة الامينة بصدق ، وقفت ، قيادة و شعباً ، مع العراق في محنته العسيرة ، و قدمت له ، بكل اخلاص ، كل انواع الدعم ، التسليحي في محنته العسيرة ، و قدمت له ، بكل اخلاص ، كل انواع الدعم ، التسليحي و المهني ، و السياسي ، و الاعلامي ، و كان لهذا الموقف المشرف الاثر الكبير في دفع اكبر خطرٍ ، و اشرس عدوان تعرض له العراق في تاريخه المعاصر ، فتحية اجلال و تقدير لقائد الثورة الاسلامية ، و للجمهورية الاسلامية ، و شعبها الكريم ، و شهداء ابنائها المخلصين ، الذين امتزجت دمائهم مع دماء اخوتهم العراقيين ، لقد راهن الاعداء على اسقاط العراق ، و اخضاع العراقيين ، و تفتيت وحدتهم و تسلب ارادتهم ، و طمس حضارتهم لكن بحمد الله بقيت راية العراق خفاقة ، و هامات العراقيين عالية و رؤوسهم مرتفعة ، و سيخرجون بعون الله تعالى من هذه المنازلة المشرفة و هم اكثر صلابة ، و اقوى عزيمة ، و اشد اصرار على تمسكهم ، بوحدتهم و قيمهم ، و اكثر حرصٍ على بناء بلدهم ، و تحقيق الامن و الرفاه لشعبهم .
رحم الله الشهداء ، و شافى الجرحى ، و حفظ بلدنا و شعبنا من كل سوء
و السلام عليكم جميعاً و رحمة الله و بركاته
د. حسين علي خليل السلطاني
رئيس مؤسسـة السجناء السياسيين
18-7-2017
Post Views: 2٬608