هذه قصة الادارة الالكترونية لمؤسسة السجناء السياسيين

0
3626

كتب / حافظ العقابي ….

منذ تأسيسها كانت مؤسسة السجناء السياسيين تسعى بكل جهدها الى تطبيق الاساليب الاحدث في الادارة وتقديم الخدمات للمشمولين ، وعندما تسنم الدكتور حسين السلطاني رئاسة المؤسسة منتصف سنة 2015 بدأ هذا الهدف الكبير خطواته الجريئة بأرادة هذه الثلة الذهبية من المتخصصين ، ووجه السلطاني بضرورة السير في طريق تطبيق الادارة الالكترونية سعيا لتحقيق الحوكمة لاحقا مهما كانت العوائق ، وكان العمل الأول والاكثر أهمية هو ارشفة ملفات جميع الشرائح التي ترعاها المؤسسة الكترونيا . واجه مشروع الادارة الالكترونية في بدايته مشكلة النقص في الملاكات المتخصصة ، لذا بدأت المؤسسة بتنظيم دورات مكثفة لتدريب العاملين ، ثم بدأت باستخدام البرنامج الالكتروني الاول والسيرفر لأول مرة ، وبدأ العمل بكل ما فيه من متاعب وارهاق ، وما يعقبهما من بهجة عند تحقق المنجز بأفضل صورة ، معركة يخوضها موظفون مخلصون من ابناء هذا الوطن الشامخ بأقل الامكانيات فيحققون حلما كبيرا في مجال تحديث الادارة ، مما يعد مكسبا في مسار تطور مؤسسات الدولة العراقية .


أحرار الوطن يسألون عن حقوقهم
اكثر من مئة الف سجين من احرار العراق كانوا يتوافدون على مؤسستهم التي احتضنتهم ومسحت جراحات الذاكرة ، ولوحت لهم بغد مضيء ، كانوا يريدون ان يجدوا مؤسسة بحجم توقعاتهم المشروعة وكانت المهمة الصعبة تتطلب ان لا تجتمع على اؤلئك الأحرار اوجاع الماضي ومرارة الانتظار في الحاضر، وهكذا كان الجميع يتطلع الى تطبيق الادارة الالكترونية لأنجاز الاعمال المتراكمة واختصار ايام الانتظار الطويلة ، ومنذ منتصف سنة 2015 بدأ الدكتور حسين السلطاني فور تعيينه رئيسا لهذه المؤسسة يشكل فريقه الذي سيتصدى لهذا العمل الريادي ، الا انه ومنذ اليوم الأول واجه الأزمة المالية التي بدأت تتفاقم بعد أحداث سقوط الموصل بيد الإرهاب الداعشي ، وكانت الملاكات العاملة في المؤسسة تفتقر الى المهارات اللازمة لتأسيس هذا المشروع ، ومع كل هذه العوائق بدأ التفكير الجدي يتجه الى أتمتة العمل الإداري ، وكانت البداية هي اعداد التقارير عن واقع العمل وإمكانيات تطويره من خلال المقارنة مع الوزارات والهيئات الوطنية ، وتبادل الرأي والخبرة معها ، وهي تحاول السير في الطريق نفسه في اطار بناء الارضية اللازمة لمشروع الحوكمة الالكترونية الوطنية .


البرامج الالكترونية تبدأ العمل
بدأ التحول الاداري بشراء الاجهزة اللازمة وإنشاء برامج الكترونية لعدد من الجهات المهمة وحسب الإمكانيات المادية المتوفرة ، وكذلك تقديم الدعم اللوجستي لكل الدوائر والمديريات واللجان الخاصة للمساعدة على اتمام هذا التحول ، وكذلك توفير الأجهزة اللازمة وبإعداد متزايدة كلما توفرت المبالغ اللازمة لذلك لتغطية الاحتياجات الفعلية . يعد مشروع الأرشفة الالكترونية لملفات السجناء والمعتقلين السياسيين من ابرز المشاريع التي قررت المؤسسة تحقيقها بإمكانيات مادية متواضعة من خلال التعاقد مع إحد مكاتب البرمجيات الأهلية ، اذ تمت أرشفة الملفات الشخصية للسجناء والمعتقلين المتراكمة منذ نهاية العام 2007 ولغاية الشروع بتنفيذ البرنامج مطلع العام 2016 ، وبلغ عدد المؤرشفين الكترونيا اكثر من 80.000 الف سجين وسجينة ، وبالاعتماد على مخرجات هذا المشروع تم اعداد قاعدة البيانات الشاملة ، ثم اعقبها إنشاء برنامج آخر لأرشفه الملفات في المديريات واللجان الخاصة ، وكلها تصب معطياتها الرقمية الدقيقة في البرنامج المركزي وهكذا اختفت عشرات الالاف من الاضابير الورقية التي كانت مكدسة في ظلمات المخازن لتتحول الى صفحات رقمية مضيئة سهلة الاستخدام وعبر برنامج عملاق يستدعي كل ما تريده من معلومات عن صاحب الملف . لم تتوقف عملية الارشفة عند هذا الحد بل حصل تطور مهم عندما تم ربط البرنامج بقاعدة بيانات دائرة التقاعد ، ومقاطعته بها ثم ربطه ببرنامج هيئة الطعن ، وسيرتبط البرنامج قريبا بحقل يضم جميع الامتيازات التي حصل عليها السجناء طيلة الفترات السابقة ، وبذلك تتكامل قاعدة البيانات المركزية ، وفي ختامها يخصص لكل ملف رقم غير مكرر يمكن من خلاله معرفة إعداد الحاصلين على المنح المقررة ومقاديرها .

 

دورات التأهيل المكثفة
تعد تجربة مؤسسة السجناء في تدريب وتأهيل الملاكات العاملة في مجال الحاسوب والبرمجة تجربة رائدة وجديرة بالاهتمام ، فقد عانت المؤسسة من غياب الطاقات الشبابية والكادر المختص بسبب خصوصية قانونها في مجال التعيين ، ورغم ذلك تم تدريب وتأهيل عدد كبير منهم على أساسيات الحاسبة الالكترونية وعدد من البرامج الخاصة بها وإدخال المبتدئين في دورات محو الأمية الكومبيوترية لإلزامهم بالعمل وفق معطيات هذا التحوّل . كانت الثمرة الاولى لدورات البرمجة الالكترونية التي نظمتها المؤسسة وانتدبت لها افضل الاساتذة ، تم إنشاء برامج للصادر والوارد بلغة SQL مع الارشفة الالكترونية ، وتم تعميم هذا النظام على جميع الدوائر والمديريات واللجان الخاصة ، وتم تدريبهم على استعماله ليتحول بعدها بجهود المؤسسة الذاتية الى برنامج للتتبع الالكتروني (دورة حياة الكتاب) في داخل المؤسسة ونحن بصدد ربط جميع المديريات واللجان الخاصة في المحافظات به بعد استكمال البنى التحتية الملائمة (الكيبل الضوئي والانترانيت) . وعقب هذا التحول المهم تم إنشاء برنامج محلي للأرشفة الالكترونية لتيسير العمل الإداري في المديريات واللجان الخاصة ، وقد نجحت هذه الاجراءات بشكل كامل ، الامر الذي شجع على المضي قدما لتطوير البرنامج المحلي وبالفعل تم استبداله لاحقا ببرنامج أرشفة الفروع الذي هو نسخة متوافقة مع برنامج الأرشفة المركزي ويصّب فيه.

نصب برنامج (خادم/ عميل) Client/Server
بعد ان تضخمت بيانات المؤسسة واصبحت الشبكة الالكترونية تنوء بحمل ثقيل لم يعد الحاسب المركزي قادرا على النهوض بهذا الحمل المعلوماتي المرهق لذا تم نصب ذلك الجهاز العملاق الذي يمكن التصرف في ترجمة اسمه لنسميه جهاز مزدوج الخازن والمعالج أو الخادم والعميل ، وهو تعبير عن الخزن الالكتروني المبوب المرفق بوحدة معالجة المعلومات الفائقة السرعة ، وقد تم ادخال عدد من البرامج المعتمدة في المؤسسة في الجهاز الجديد المركزي ، ومنها برنامج التتبع ، ومازالت المؤسسة تعتزم التعاقد مع إحدى الشركات الرصينة التي تم ترشيحها من قبل المختصين في الأمانة العامة لمجلس الوزراء لغرض تطويره ، وإنشاء بنى تحتية ملائمة تتناسب مع البرمجيات التي تم التخطيط لإنجازها في العام المقبل . ولأجل ان تقوم المؤسسة بتسهيل وتبسيط الإجراءات وتقديم الخدمات بصورة أكثر سلاسة ويسرا تم إستبدال الموقع الالكتروني الإخباري بموقع الكتروني تفاعلي ، مع تطبيق الكتروني يعمل بمنصتي (Android & IOS) للهواتف الذكية (تم الانتهاء منهما ولكن يحتاج إلى تغيير الاستضافة التي تعاني من مشاكل فنية لرفعه بصورة نهائية خلال الأيام المقبلة) وسيبدأ حينها استخدام الاستمارات الالكترونية (OnLine) لجميع الخدمات التي تقدمها المؤسسة على هذا الموقع وربطه ببرنامج الاستعلامات الالكترونية (قيد الانجاز) ليتسنى لكل مستفيد متابعة شؤونه من خلال الموقع والتطبيق الالكترونيين.


الارتباط بالوزارات والمحافظات
في خط مواز من العمل الدؤوب على مدار الساعة ، قامت جميع الدوائر والمديريات واللجان الخاصة في المحافظات المختلفة بأرشفة مفاصل عملها الإداري الكترونيا ، أي ممارسة الادارة الالكترونية والاستعداد للحوكمة وشملت الأرشفة ( ملفات ، كتب رسمية ، سندات صرف ، وثائق … الخ) ولجميع السنوات السابقة ، مع إدخال تفاصيل البيانات المهمة لكل ملف مؤرشف من خلال برنامج زمني محدد أَمدهُ نهاية العام الحالي وتقديم تقارير دورية عن حجم المنجز وتم التوجيه بضرورة استكمال عدد العاملين وعدد الأجهزة اللازمة لإكماله في الوقت المحدد كونه سيوفر المادة الخام لعملية التحول الالكتروني في العمل الإداري مستقبلاً .

وبذلك اصبحت المديريات واللجان التابعة للمؤسسة في المحافظات منسجمة مع المركز في مستوى الادارة الالكترونية. ومن أجل الاستعداد لتشغيل شبكة الحوكمة الالكترونية الوطنية مازالت المؤسسة مستمرة في التنسيق مع عدد من الوزارات والمؤسسات المعنية كوزارة التخطيط ، وزارة الاتصالات ، الأمانة العامة لمجلس الوزراء ، الجامعة التكنولوجية ، جامعة النهرين ، لجنة الأمر الديواني 46 للحوكمة الالكترونية ومؤسسة الشهداء ، ويجري الاطلاع على واقع العمل الالكتروني والاستفادة من البرامج العاملة لديهم ، وقد أثمر هذا التواصل عن تطوير الادارة الالكترونية في المؤسسة ، وكان أحدث دعم نحصل عليه في هذا السياق وعد من متخصصي البرمجيات في الأمانة العامة لرئاسة الوزراء بتزويد المؤسسة بعدد من البرامج المهمة. في الختام نشير ان مؤسسة السجناء تنتظر تطبيق الحوكمة الالكترونية على مستوى العراق في السنة المقبلة 2018 بربط الوزارات والهيئات والمحافظات بالكابل الضوئي الوطني ، وهي المرحلة التي تأتي بعد عملية الادارة الالكترونية.

————————————————————
من تحقيق كتبه مدير قسم الحاسبة والمعلوماتية الاستاذ نمير حمد كزار ومعاونه المهندس احمد عماد عبد الرحيم .

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here