الورقة الخاسرة الأخيرة للرئيس الأمريكي

0
2071

عبد الرحمن اللامي ..
  تكسّرت حلقات المشروع الأمريكي لتفتيت الشرق الأوسط حلقة بعد أخرى، وقد خابت آمال الكيان الصهيوني أيّة خيبة!
فلقد انهزمت وتقهقرت كلّ المجاميع الإرهابيّة ـ القاعدة وداعش وغيرها ـ التي جنّدوها لضرب اللُّحمة العراقيّة وإشعال الحرب الطائفيّة، وكذلك الأمر في سوريا حيث تبخّرت واندثرت تلك المسميات الكثيرة المختلفة، التي أوجدتها أمريكا ومَن تحالف معها من الدول الإقليميّة لضرب النظام السوري وتحويل سوريا الى أربع دول، وحتى في اليمن الجريح لم يقطفوا ولا ثمرة ممّا كانوا يتأمّلون، بل تحوّلت أحلامهم الى نكبات تنغّص عليهم حالهم.
ولم يبق بيد كبيرهم الأرعن (دونالد ترامب) إلاّ ورقة القدس الشريف قبلة المسلمين الأولى، ومسرى الرّسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ومعراجه الى السماء، ليضمّها الى الكيان الغاصب ويجعل منها عاصمة دولتهم المزعومة، وينقل سفارته من تل أبيب إليها ليكون فعله هذا رسميّاً في الحسابات الإداريّة الدوليّة، وهذا الأمر كان يُعدّ من الخطوات الجريئة والحذرة والخطيرة في نفس الوقت، التي لم يقترب منها الرؤساء الأمريكان الذين سبقوه، علماً أنّ الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكيّة إليها هو قرار الكونكرس الأمريكي من سنة 1995م وعلى الرئيس الأمريكي تنفيذه، وينبئك هذا بمدى الرعاية الأمريكيّة لهذا الكيان اللقيط.
ولكنّ السيد (ترامب ) وإنّ كان قد وفى بوعدٍ من وعوده الانتخابيّة ولكنّه على ما يبدو قد نسي أنّ الانتفاضات الفلسطينيّة في السنوات 1978 و1996 و2000م التي قدحت أولى شراراتها حينما خُدش القدس الشريف، أو حينما حاول الساسة الإسرائيليّون تدنيسها بالدخول إليها، فقد نسيَ ولم يعد يتذكّر أنّ القدس الشريف خط أحمر، ولولا هوان الأنظمة العربية وتشرذمها وعمالتها لما أمكن للرئيس الأمريكي أن يجد كل هذه السهولة في اتّخاذ هذا القرار الجرئ.
والرئيس الأمريكي بهذه الخطوة الغبيّة يُظهر الوجه الحقيقي لأمريكا المستعمرة، وللشعارات البراقة الزائفة التي تدّعيها الحكومات الأمريكيّة، وهي بمثابة إعلان حرب على الوجود العربي والإسلامي، ولم تكن قضيّة القدس يوماً حكراً على الفلسطينيّين فحسب، بل هي قضية العرب والمسلمين أجمعين، وهي المَظْلَمة التي تستصرخ ضمير الإنسانيّة من اليوم الأول الذي استسهل الحكام العثمانيّون تقديمها الى اليهود الغاصبين.
وهي السبب الأول والأكبر الذي دعا قلوب الإنسانيّة أن تفيض بالحقد والحنق على السياسيّين الأمريكيّين وغيرهم ممّن أسّس أساس اغتصاب أرض فلسطين من شعوبها، وهذا دعاؤهم في كلّ مناسباتهم ليل نهار بزوال إسرائيل والعار والشنار على مَن رضي باستلابها.
ولا أظنّ هذه السنة تنفذ ـ ونحن في أيامها الأخيرة ـ إلاّ وستندلع شرارة الانتفاضة الجديدة، وهذه المرّة سوف تختلف الأدوات وستتغيّر الخطط، وستكون نهاية إسرائيل قريبة جداً، والعار والخيبة لكل أولئك الذين يعوّلون على ما يسمى بمجلس الأمن الدولي ومؤسساته الحقوقية، والمستقبل للشباب القابضين على الزناد بإذن الله (تبارك وتعالى).

 

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here