امتيازات

0
7255


د.كريم شغيدل ..

إذا تحدث العراقيون بالتسامح والود، ضربوا المثل العامي الدارج(إعطِ لعدوك من راس الجدر) والمقصود طبعاً قدر الطعام، والمثل نفسه يقال بقصد الإكرام بتحوير بسيط، وهذا المثل نفسه ضربه دولة رئيس الوزراء في معرض حديثه عن قانون الامتيازات الذي شرعه مجلس النواب قبيل انتهاء ولايته بشهر، ونحن نعلم بصفتنا مواطنين عاديين، أو إعلاميين، من أين يكتسب كل فرد شرعية ما يتمتع به من امتيازات، على وفق النظم السائدة في كل دول العالم، فثمة امتيازات عمل وإبداع وتحصيل علمي ومخترعات، وهناك امتياز عام، بل حق مكتسب يحصل عليه العامل والموظف بمختلف الدرجات الوظيفية هو حق التقاعد، وللتقاعد قانون يعتمد معايير سنوات الخدمة والعمر وما إلى ذلك، ولم يهمل المشرع حالات الأمراض والحوادث التي تحصل من جراء الخدمة وأثنائها، وأعضاء مجلس النواب هم شريحة سياسية أولاً وقبل كل شيء، مهمتها تشريع القوانين ومراقبة أداء عمل الحكومة، ويفترض أن تكون خادمة لمصالح المواطنين، وملبية لإرادتهم وطموحاتهم، وأول من يراعي الظروف الاقتصادية للبلد، ومن مهامها الرئيسة مراعاة أسس العدالة الاجتماعية، وأعتقد أنهم على علم بواحد من أهم مطالب الجماهير في كل التظاهرات والاحتجاجات في مختلف أنحاء العراق، ألا وهو إلغاء الامتيازات المادية للمسؤولين أو تقليصها.

عضو مجلس النواب مواطن يتمتع أسوة بغيره بكل ما يستحق من امتيازات مادية أو وظيفية أو تقاعدية، فإذا ما تطوع ليرشح نفسه لخدمة بلده وشعبه وتم انتخابه، أصبح مكلفاً بخدمة عامة، ليس في الأمر منة على الناس، وهنا يكون ملزماً أخلاقياً بالدفاع عن حقوق ناخبيه، لا أن يقدم مصلحته عليهم، لا في الامتيازات فحسب، وإنما بمحاسبة الفاسدين والمقصرين، وسن القوانين الكفيلة برفاهية المجتمع، وإلزام المؤسسات المعنية برفع مستوى الأداء الخدمي، ومعالجة العديد من المشكلات الخدمية والأمنية والإنسانية والتعليمية والاقتصادية والصحية وحتى الاجتماعية والثقافية التي يعاني منها المجتمع، فهناك الكثير من القوانين المهمة التي شرعها مجلس النواب الموقر لمنفعة المواطنين، لكنها شبه معطلة، كقانون حماية الصحفيين الذي تصر بعض المؤسسات على عرقلة إجراءاته لاحتوائه على منفعة وظيفية ومادية لشريحة مهمة من شرائح المجتمع، بسبب غياب الرقابة على تنفيذ القوانين، إذ تم تطبيقه في مؤسسات مختلفة ولم يستغرق إنجاز المعاملة سوى بضعة أشهر، بينما هناك معاملات مرَّ عليها أكثر من أربع سنوات ولم تنجز.

الحكومة تفهمت مطالب المتظاهرين واستوعبت نقمتهم، ووقفت إلى جانبهم، لكن بطبيعة الحال كل العقلاء وبضمنهم المتظاهرون أنفسهم يدينون حالات التخريب والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة أو الإساءة لرجال الأمن، وإذا كان المسؤول التنفيذي مقصراً فجزء من هذا التقصير يتحمله مجلس النواب لأنه يمتلك حق الرقابة ومساءلة المقصرين، وينبغي أن يتعاطف مع مطالب المتظاهرين بضمنها إلغاء الامتيازات المبالغ بها، لا أن يردفها بامتيازات إضافية، فالقدر(الجدر) للجميع والأجر – كما يقال- على قدر المشقة.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here