عقبات البناء الوطني

0
1695


حكمت البخاتي …

في ظل التغيرات السياسية ومحاولات البناء الوطني تبرز عدد من العقبات المتعددة الصيغ والاتجاهات ويكون البعض منها عميقا ومتجذرا ويمس صميم الهوية الوطنية وهنا مكمن الخطر الصارخ وبعض منها يدور في فلك الهوية الوطنية لكنه يمتلك القدرة على اختراقها وتعطيل فاعليتها في البناء الوطني .

واذا كان ما يمس تركيبة الهوية الوطنية يشغل حيز الانتماءات الفرعية الاثنية والمذهبية – الطائفية ويشكل فيها مصدر الخطر عليها فان ما يشغل ارتباك عملية البناء الوطني في فلك الهوية الوطنية هو الفساد بشقيه التقليديين المالي والإداري لكن هناك المصدر لهما والممول لهما وهو الفساد السياسي الذي يؤثر بقوة في تفكيك الوطنية ووظيفة المواطنة فيها التي تشكل معادل التوازن في تنظيم العلاقة بين الافراد و الدولة والسلطة فيها .

لقد استطاعت الهزائم المتتالية للطائفية السياسية المحلية في أعقاب الحرب الأهلية التي شهدها البلد أن تثبت حقيقة الفشل التاريخي والسياسي للمشروعات السياسية الضيقة الأفق والتي تنحصر أدوارها في احتكارات الهويات الفرعية وأكدت هزائمها بنفس الوقت على خيار الهوية الوطنية الجامعة طريقا وأسلوبا في البناء الوطني غير قابل للبديل السياسي الذي يؤمن بالتفتيت الهوياتي الذي يشكل الضد النوعي للبناء الوطني وخلصت النتائج التاريخية بالنسبة للشعب أن لا عودة للحروب الطائفية بعد الثمن الباهض الذي دفعه أبناء الشعب وهي خلاصة كل تجارب الحروب الطائفية في التاريخ السياسي الحديث بالنسبة للشعوب التي تمخضت فيها تلك التجارب عن الفشل التاريخي والسياسي لدولها ومجتمعاتها .

وهكذا نجد مع هذا التطور في الوعي الوطني وازاحة التفتيت الهوياتي او ما يتسبب عن الطائفية في إرساء عقبات البناء الوطني ، انفساح الأفق الوطني والشعبي في إمكانية إعادة تأهيل الدولة ومؤسساتها باتجاه البناء الوطني الذي تتحمل أعباءه ومسؤولياته الدولة ضمن الواجبات الملقاة على عاتقها وبتفعيل المعادل الموازن لها في مبدأ المواطنة الذي يتوخى أداء الواجبات الملقاة على عاتق المواطن وهنا يتم التأكيد بقصد على الواجبات الملقاة على طرفي المعادلة في البناء وهما الدولة والمواطن لمقتضيات المرحلة التكتيكية في هذا الظرف الطارئ الذي يمر به البلد لا سيما في مواجهة الفساد الذي تحول الى لوثة أخلاقية واجتماعية بدأت تنخر فلك الهوية الوطنية .

ومع غياب الرقابة على أثر الانشغال الطائفي – السياسي في مرحلة الحرب الطائفية فأدى الى نمو فاضح وتعاط سالب للنتائج المتوقعة في مثل هذه الحروب ومنها بل وأخطرها الفساد السياسي وولائده في الفساد المالي والإداري وهي لوثة تملأ حيز الخطر المتفشي في البنية التحتية – الاجتماعية للدولة والمجتمع وهنا مكمن الخطر الأشد في انشداد عقبات البناء الوطني الى مواقع متفشية ومنتشرة في المجتمع والدولة وقدرتها على اختراق فلك الهوية الوطنية باختراق مبدأ الأمانة على الهوية الوطنية أو الأمانة على الوطن المكلف بأدائها والتزامها كل من الدولة والمجتمع في علاقة المواطنة الناشئة بتقنين العلاقة بين الدولة والمواطن ، ومقاربة الفلك فيها تكمن في وظيفته الفيزيائية في استيعاب مكوناته وأفراده وتقنين ذلك الاستيعاب مع تقنين مبدأ المواطنة المكلف في استحقاقاته الوطنية والميدانية بمواجهة الفساد ومواجهة تفشيه بالنسبة للمواطن على صعيد المجتمع بينما تتكفل الدولة بمواجهته على صعيد النظام السياسي فيها والحكومات التي تتداول السلطة والحكم فيها .

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here