فاضل الحلو ..
في كُلّ سنة لنا ذكرى مع عاشوراء،وفي كُلّ سنة نستعيد في وعينا كربلاء،لكن قيمة عاشوراء وكربلاء الذكرى أن لها لقاء في كُلّ زمن مع الأمّة،تمدها وتعطيها من حيويتها،وتدفعها إلى المواقع المتقدمة في مسيرة الحياة الكريمة فتعيش الأمّة آفاق الإمام الحسين (عليه السّلام) تلك الآفاق الواسعة الرحبة التي لا تعيش في الدوائر الضيقة ، بل تشمل العالم الإسلامي كله.
كربلاء الحسين قضية متجذّرة في الوعي الإسلامي،ساهمت في تشكيل الوعي الحركي الثائر على الظلم و الفساد،وباتت مع تقادم الزمن أكثر رسوخاً في وجدان الأمّة، وبعبارة أخرى إنّها تلك الواقعة التي قفزت فوق الزمان والمكان، مستمدة من نور مشكاة النبوة رمزيتها، ومن لون البذل عنفوانها،فاستحالت نهجاً يحمل شعلة متوقّدة تسمو بالإنسان في آفاق العزّة والكرامة .
الحسين (عليه السّلام) كان ينظر من خلال آفاق جده رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلّم)،لأنّ الله تعالى أرسله رحمة للعالمين ومن هنا كان يطرح دوماً وفي كُلّ موسم لعاشوراء ـ تبياناً لأهمية ثورة كربلاء ودورها الرائد ,فقد استطاع هذا الإمام أن يعيد تصويب المسار،بعد أن بدأ الانحراف السريع نتيجة لإبعاد الإسلام عن ساحة الحياة،أو على الأقلّ بتحويله إلى شكل و رسم بلا مضمون،وهذه الصورة عبر عنها الحسين(عليه السّلام) آنذاك عندما قال:ألا وإنّ هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن ، واحلّوا حرام الله، وحرّموا حلاله، واستأثروا بالفيء، وعطلوا الحدود.
لقد كان الإمام الرائد والمعلم الاسمى في مسيرة الخير والتحرر والاستقلال والتنمية والدعوة للعدالة وحقوق الإنسان ومعاني الشرف والبطولة والفداء حيث ينظر فقهاء الشريعة الاسلاميه المرتكزة علومهم من الجوهر القرآني الكريم ان الامام الحسين عليه السلام رسالة الحق الرافض لبوابة الظلم والمنتصر بالشهادة التي فضلها على الحياة الذليلة فكان القدوة والرمز الإنساني لكافة الشعوب الحره كونه مشروع سلام ومنهج يضي الدرب بفكره القرآني النير لتحتفظ الأمم منها بكرامتها .
إن استشهاد الإمام الحسين(عليه السلام) فوق ثرى كربلاء تجعلنا ان نأخذ جميعاً من مناهجها الدروس والعبر بتلك ألقيم إلايمانيه ومناهج تطور الفكر الإنساني نحو إرساء عالم متحضر متآخي لدحر الاستبداد والظلم والإرهاب الأسود مستلهمين ذلك من مواقع وسلوك ومنهج ثورة الأمام الحسين ومن مصادق جهاده المحمدي النقي الذي رفض الظلم من اجل الحق .
علينا ان نقتدي بالحسين وعدم إغفال المنهج السليم القائم على غرس المثل والقيم واعتماد المبادئ النبيلة تحت أي ظرف لأننا رأينا في سيرة واقعة ألطف كيف يتخلى المد اليزيدي عن المثل الانسانيه كوحش كاسر وينبذ كل القيم ويتحول معه المد الأسود هؤلاء الذين يعرفون فضل الحسين ونسبه ورأوا على رأسه عمامة جده لم يتورعوا عن قتله بلا رحمة مع طفليه الرضيعين وأن يمثلوا بجثمانه الطاهر بكل خسة ونذالة وحقارة،لماذا؟ لأنهم بلا مثل ولا قيم أو أخلاق .
إنّ الحسين (عليه السّلام) أصبح مثلاً أعلى لكلّ الثوار،والمناضلين من أجل التحرر و الإنعتاق من نير الظالمين و المستبدين,وعندما يغدو المرء ملهماً للثوار فهذا دليل انتصار لا هزيمة،وعندما تزلزل دماؤه الزكية عروش الظالمين فهذا دليل نصر مؤزر لا مأساة مروعة.
السلام عليك يا أبا عبد الله الحسين والسلام على أبنائك وعلى أصحابك وأنصارك وعلى من سار على نهجك إلى يوم الدين .