من المؤكد أن نتائج الانتخابات،قد مكنت العديد من الكتل، العودة والمشاركة السياسية من خلال دخول مرشحيها إلى قبة البرلمان والمشاركة في تأسيس الحكومة المرتقبة ، والذي سوف يواجه خلال هذا التحول المصيري، تحديات صعبة تتمثل في ظروف محلية وعربية وعالمية.
تحالف الفتح ترك لنا برنامجا طموحا وواعدا ونكاد نجزم انه سيواجه معارضة كبيرة من المجتمع الدولي الذي يخشى اعتلاء المقاومة الاسلامية , والسعي بما امكن لإفشال هذا البرنامج نتيجة اختلال موازين القوى وتفرد الولايات المتحدة على الساحة الدولية وعملها الدؤوب على كسر شوكة المقاومة في المنطقة، ولهذا فإن احتفاظ الفتح بشعبيتهِ الكبيرة يأتي في مقدمة أولوياته وسوف يسعى إلى تحقيق برنامجه في كل الأحوال والظروف .
إن التأييد الشعبي الواسع الذي حظيت به المقاومة الاسلامية بفصائلها كافة وما تمتلكه من قاعدة اكاديمية هو أهم عوامل قوتها وأهم إنجازاتها ومكتسباتها، وهو أيضا حصنها المنيع في مجابهة قوى الاستكبار العالمي ، لذلك حرص قادة الفتح بترتيب أوضاعهم ليضمنوا الحفاظ على هذا التأييد الشعبي الذي نالوه بعد تقديمهم التضحيات الجسيمة خلال عمليات تحرير العراق من دنس عصابات داعش.
إن فوز مشرحي الفتح في الانتخابات التشريعية لم يكن التحدي الأكبر الذي يواجهه التحالف ؛ بل إن التحدي الأكبر يكمن في إصراره على تنفيذ برنامجه الاكبر، المتمثل في العمل على مساري الدبلوماسية الداخلية والخارجية في سياق إجماع عربي ودولي يساعد في حل مشكلات العراق .
والتحدي الآخر، الذي لا يقل أهمية، هو تحقيق البرنامج الإصلاحي والتغير المنشود وعكس رؤية الشارع العراقي داخل قبة البرلمان واقناع الفئة التي تعرقل عملية الإصلاح بالدخول ومراقبة تنفيذ هذه الخطوات التي لو سارت كما مخطط لها لضمنت انتقالة جوهرية تعيد العراق الى مكانتهِ الحقيقية المرجوة.
ولوضع النقاط على الحروف علينا عدم تجاهل الوضع الدولي الراهن أثناء تقييم وتحليل المرحلة القادمة الحرجة من مراحل الصراع بين القوى الكبرى، فلا تزال الولايات المتحدة تكرس وجودها العسكري في المنطقة ببناء قواعد جوية وعسكرية في منطقة الشرق الأوسط.
كما تمارس الولايات المتحدة مع باقي مجموعة الدول الصناعية الثماني ضغوطا متصاعدة على الكتل والاحزاب كافة في محاولة لضمان مصالحها والتي هي بالاساس تستهدف تغيير الثقافة الإسلامية تحت مسمى “التجديد الثقافي والديني” بهدف التخلص من حركات المقاومة الاسلامية.
على قادة المقاومة الاسلامية الانتباه جيداً للاستراتيجية الجديدة التي تنتهجها الإدارة الأمريكية في محاربة الإسلام الجهادي المقاوم لمشروعها في المنطقة والذي يقتضي الحذر الشديد والحكمة في التعامل.
العراقيون اليوم منهم المتصدون للسلطة أو على مستوى المواطنين العاديين، يعلمون أن الانتصار الذي تحقق هذا العام في الحرب على الإرهاب لا يقلل من أهمية التحديات الأخرى التي يتوجب على القادة الجدد معالجتها.
اليوم اغلب العراقيين يراهنون على أن التحدي الأهم الذي ينتظر الحكومة ، هو قضية الفساد الذي ارتبط بالدولة ومؤسساتها والذي اصبح حجر عثرة في وقف عجلة التقدم. لنمنح قادتنا الثقة بل ولنعقد الآمال عليهم، في انتشال هذا البلد الذي عانى الكثير خلال السنوات الماضية والنهوض به، فانتخاب قادة المقاومة، يمثل بداية حل وإنهاء الأزمات التي مر بها العراق.