فاضل الحلو …..
أعلن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي صدور أمر ديواني بتشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الفساد، والذي يضم في عضويته كلاً من هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية وجهاز الادعاء العام ومكاتب المفتشين العامين ومجلس القضاء الأعلى ومكتب رئيس الوزراء.
ملف الفساد في العراق ملف شائك تتداخل فيه مصالح الأحزاب الممتدة على وجهِ البسيطة، الأمر الذي يجعل الخوض فيه مجازفة كبيرة لأيّ حكومة تتصدى لملف كهذا، وخير دليل على ذلك فشل كلّ الحكومات السابقة في حسم قضايا الفساد رغم وجود مؤسّسات رقابيّة كهيئة النزاهة.
ولو تتبعنا الاسباب الحقيقية التي اضطرت عبد المهدي لاتخاذ هذه الخطوة التي أسّسها وسار عليها رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي في تشرين الأوّل أكتوبر من عام 2015، هي زوبعة اعلامية ستنتهي كما سابقتها ،ونستذكر جيداً ان العبادي قد أشار في مرحلة التأسيس أنّه سيسّخر كلّ الإمكانيات لإنجاحه، كما أنّ الهدف من إعادة تشكيله اتّخاذ الإجراءات الرادعة وتوحيد الجهات الرقابيّة للتصدّي للفساد وحماية المال العام . . . ورحل العبادي وبقي الحال على ماهو عليه.
كما ان من اهم الاسباب التي اضطرت عبد المهدي لاعادة احياء هذا المجلس هي الضغوط السياسية او البرلمانية ، نذكر منها دعوة النائب همّام التميمي عبد المهدي إلى التحلّي بالشجاعة وفتح ملفّات سابقة بحقّ مسؤولين فاسدين، مشيراً إلى “صدور العديد من مذكّرات القبض في فترات سابقة بحقّ العديد منهم، وبقيت مركونة في اقبية هيئة النزاهة لسنوات عديدة.
ولعل خير مثال نسوقه ما اعترف بهِ رئيس هيئة النزاهة القاضي عزّت توفيق جعفر في تصريحات إعلاميّة، بأنّ “هيئة النزاهة التي تأسّست عام 2004 تواجه الضغوط والتدخّل في عملها، وهي مثل كلّ الهيئات الرقابيّة الأخرى تعمل في بيئة غير آمنة”، الأمر الذي يدعونا لطرح سؤال واضح المعالم أيجعل لنا عبد المهدي من المجلس الجديد مستقلاً وقويا وغير مسيطر عليه أيضاً من قبل اللاعبين الاساسيين في ملعب السياسة العراقية .
وعلى ضوء ماسبق يضعنا مفتش عام وزارة الداخلية جمال الأسدي في دوامة اخرى من خلال تصريحه لوسائل الاعلام ( والقول للاسدي): إن المفتّشين العامّين من أصحاب الخبرة في ملفّات الفساد سيكون لهم دور رئيسيّ في المجلس الاعلى لمكافحة الفساد.
ومن جهة اخرى يقول عضو لجنة النزاهة البرلمانيّة النائب حسن شاكر، في توضيح عمل المجلس: إنّ “آليّات المجلس الأعلى لمكافحة الفساد هي إرساء ميكانيكيّة تنسيق مٌحكمة مع لجنة النزاهة النيابيّة، وتأسيس فروع له في المحافظات تتألّف من ممثلين عن هيئة النزاهة وجهاز الأمن الوطنيّ والمخابرات وهيئة المساءلة والعدالة والقضاء والمفتّشين العامّين”.
والسؤال الذي نضعه بين يدي القارى الكريم هل تحتمل ميزانية الدولة العراقية اضافة نماذج من اللجان وفتح مكاتب اخرى ستثقل كاهل الدولة لتعود ويلاتها على عمومية المواطن البسيط.
ثم أليس من الأجدى تنقية وتصفية المؤسسات السابقة كهيئة النزاهة وغيرها والاكتفاء بجهة رقابية واحدة بدل تعدد تلك الجهات .
الأيام القادمة ستكون حبلى بالمفاجآت التي سترهق المواطن العراقي وتزيد من حالة التشظي في عملية بناء دولة متماسكة، تلك الدولة التي يحلم بها المواطن العراقي الذي اهلكته الحروب والظروف المعيشية الصعبة .