حكمت البخاتي …
منذ ان تكلل صدور قانون المؤسسة بتأسيس مؤسستنا ولازالت طموحاتنا تسعى الى تحقيق كامل أهداف مؤسستنا التي أنجزت الكثير أو الأهم من تلك الأهداف ، لكن هناك منها ما يعتمد أو يتكلل انجازه بالمبادرات التي يقدمها أصحاب القضية السياسية والتاريخية وأعني بهم شريحة السجناء والمعتقلين السياسيين ، واذا كانت مؤسستنا تكفلت بالجوانب الحقوقية والتعويضية وفق مباديء وفقرات قانون مؤسسة السجناء والمعتقلين السياسيين بنسختيه الأولى رقم 4 لسنة 2006 م والمعدل رقم 35 لسنة 2013م ، فان أرشفة تاريخنا وتوثيق وقائع قضيتنا وهي من الأهداف المتضمنة في كيان مؤسستنا أو الاسباب المؤدية الى نشأتها في مسارات توثيقات مؤسسات الدولة العراقية لهوية العراق الجديد تظل المهمة الأساسية في صلب مسؤولية هذه الشريحة السياسية والاجتماعية التي شغلت وأدت دورا نخبويا وسياسيا ونضاليا في أحرج فترة سياسية وتاريخية مر بها بلدنا في ظل خضوعه المرير الى طغمة سياسية وبعثية دكتاتورية عاثت أدوات وسياسات التخريب لديها بمقدرات وثروات البلد المادية والمعنوية التي تعبر عن إمكانات البلد وقدراته في البناء والتطوير وكان جزء من صور التخريب المتعمد والمعقد هو استهداف الحالة النخبوية في البلد وملاحقة واعتقال قادة الرأي وممثلي صوت الشعب في مواجهته مع النظام الدكتاتوري الذي خطط ونفذ حملة اعتقالاته بشكل نوعي باستهدافه النخب الثقافية والسياسية والأكاديمية وقد نتج عنها تغييب الآلآف في السجون ومقابر الموت الجماعي والنفي والتشريد للنخب العراقية .
وقد شكل سقوط النظام في 4/ 9/ 2003م وقيام دولة ونظام في العراق وباستحقاقات ديمقراطية وقانونية فرصة ممكنة في استئناف العمل النخبوي والوطني ، ولعل توثيق وحفظ الذاكرة الوطنية وأرشفة التاريخ النضالي والجهادي لفئات الشعب العراقي يصب مباشرة في تجربة البناء الوطني هذه وبضرورة سياسية وتاريخية لا يمكن الاستغناء عنها في تجارب وتاريخ كل الشعوب التي مرت بذات هذه التجربة السياسية والنضالية ، وتهدف تلك العمليات من التوثيق والأرشفة الى ترسيخ المفهوم النضالي والتضحوي في بناءات الهوية الوطنية التي تتشكل أو تغترفت من معين المواجهة مع محاولات النظام الدكتاتوري في سياسات المحو والالغاء والتهميش المتبعة تجاه فئات وشرائح الشعب العراقي وهنا لا اميل الى تسميتها بالمكونات لأن المجتمع العراقي مكون واحد أو هكذا ينبغي التثقيف له وفق مفاهيمنا السياسية التي أوحت بها إلينا أو كانت ما تمثله خلاصة تجربة السجين السياسي وهو يمر بأعتى وأسوء صنوف المعتقلات والسجون إبان المواجهة السياسية مع النظام الدكتاتوري.
ومن هنا فاننا ندعوا الى تشكيل هيئات أو تجمعات فكرية أو أدبية أو منظمات ثقافية يكون أعضاؤها وأفرادها من شريحة السجناء والمعتقلين السياسيين وتكون بنفس الوقت تعبيرا عن استئناف الحالة النخبوية في أيام مجدها النضالي ضد النظام الدكتاتوري وتكون مهمتها هي مواكبة البناء الثقافي والأدبي في البلد وحجز مسافة معلومة في ذلك المخطط التعبوي في البناء الوطني لتوثيق وتسجيل التاريخ السياسي للعراق المعاصر منذ ستينات وسبعينات القرن العشرين وحتى سقوط النظام الدكتاتوري في 4/ 9 / 2003 م وهي الفترة التي كانت تحمل مخاضات الدولة العراقية الجديدة التي تكللت بوجودها التاريخي والسياسي منذ إقرار الدستور الدائم في البلد في 15 تشرين الأول في العام 2005م وبفضل الرفض السياسي والمواجهة المفتوحة التي خاضها شعبنا لا سيما شريحة السجناء والمعتقلين السياسيين بوجه النظام الدكتاتوري المباد.
Post Views: 2٬836