المحرر الاعلامي …
” حول البيان الصادر عن المؤسسة “
لقد اعتمدت مؤسسات العدالة الانتقالية مبادئ جبر الضرر واجراءات التعويضات لفئات وشرائح عانت الضرر من جراء سياسات الأنظمة الدكتاتورية وسياسات انتهاك حقوق الانسان التي مارستها تلك الأنظمة بحق مواطنيها وكانت مؤسستنا – مؤسسة السجناء والمعتقلين السياسيين – واحدة من اهم تلك المؤسسات العاملة في جمهورية العراق بعد التغيير السياسي والديمقراطي الحاصل في البلد في أعقاب سقوط نظام الدكتاتور البغيض في 9 /4 / 2003م .
وكان تشريع قانون المؤسسة رقم 4 لسنة 2006م وقانون المؤسسة المعدل رقم 35 لسنة 2013 م تعبيرا عن سياسات داخلية عادلة اعتمدتها الدولة العراقية الجديدة ذات النظام الفدرالي والديمقراطي وهو ما يشكل بيئة صالحة لمؤسسات العدالة الانتقالية.
وقد استهدف قانون المؤسسة بصيغتيه الأصل والمعدل إنصاف شريحة السجناء والمعتقلين السياسيين ثم أضاف القانون المعدل محتجزي رفحاء الى مهام ومسؤوليات مؤسسة السجناء السياسيين ،
وكان العبء كبيرا على المؤسسة لا سيما من الناحية المادية التي تشكل عنصرا أساسيا في سياسات الرعاية التي اعتمدتها المؤسسة ونص عليها قانون المؤسسة بصيغتيه الأصل والمعدل ، ومصدر هذا العبء هو الأزمة المالية التي مر بها البلد وسياسات التقشف التي اتبعتها الحكومة منذ العام 2014 م إضافة الى العدد الكبير من الأسماء الذي احتوته قوائم محتجزي رفحاء مما أثار لغطا وجدلا واسعا في أوساط الشعب وتوّجته حملة اعلامية مضادة وكاد يربك مسار المؤسسة لولا حنكة القائمين عليها من المسؤولين ومواقف السجناء والمعتقلين السياسيين ومساندة عدد من أعضاء مجلس النواب لموقف وجهود المؤسسة ،
وكان العبء الثاني الذي وضع المؤسسة أمام مسؤولياتها هو السعي الى إدراج أسرى حرب الخليج الأولى في قوائم محتجزي رفحاء وقد اتبعت تلك الجهات والأفراد عددا من الاجراءات والوسائل لتحقيق هدف إدراج هؤلاء الأسرى في قوائم رفحاء ،
ونتيجة المخالفة المبدئية أولا والقانونية ثانيا في ذلك التوجه وتلك المساعي عمدت المؤسسة الى تحمل مسؤولياتها واستندت مبدئيا الى الفارق بين مفهوم أسير الحرب والسجين والمعتقل السياسي وقانونيا الى التفريق بينهما وفق التعريف القانوني للسجين والمعتقل السياسي الذي نص عليه قانون المؤسسة بكلا صيغتيه وجاء فيه :
” السجين السياسي: من حبس او سجن بسبب معارضته للنظام البائد في الراي او المعتقد او الانتماء السياسي او تعاطفــــــه مع معارضيه او مساعدته لهم.
ثانيا: المعتقل السياسي: كل من اعتقل لنفس الاسباب المذكورة في تعريف السجين السياسي ”
بينما يعرف ميثاق جنيف الثالث أسير الحرب
” هو مقاتل شرعي وقع في أيدي عدوه عاجزا عن القتال أو مستسلما. ويضم مصطلح “مقاتل شرعي” حسب هذا الميثاق على كل من العناصر التالية:
جندي في جيش دولة معترف بها.
جندي في جيش لكيان سياسي يدار كدولة ولو كان غير معترف به.
مدني أمسك بسلاح للدفاع عن بلده من عدو يتقدم تجاهه دون أن يكفي له الوقت للتجنيد.”
وعلى أثر ذلك قامت المؤسسة بتشكيل لجنة عمل في التحقيق بشأن الأسماء الواردة في قوائم محتجزي رفحاء وبعد التأكد من جلية هذا الأمر ووجود أسماء بعض الأسرى في هذه القوائم خاطبت المؤسسة وزارة الدفاع بتزويدها بقرص الجنود من الأسرى في حرب الخليج الثانية وفق ما جاء في بيان المؤسسة الصادر بتاريخ 23 / 7 / 2019 م وقامت وزارة الدفاع بتزويدها بأسماء هؤلاء الجنود الأسرى .
وبعد مراجعة اللجنة المكلفة بالتدقيق في الموضوع المشار اليه ظهر لديها أن هناك “520 ” اسما في قوائم محتجزي رفحاء هم أسرى حرب ولا تنطبق عليهم شروط شمولهم بقانون المؤسسة فلجأت المؤسسة الى اجراء قانوني ورفعت تظلما على قراراتهم أمام هيئة الطعن كما أوضح البيان الصادر عن المؤسسة.
ولم تكتف المؤسسة بهذا الاجراء بل اتخذت عددا من الخطوات المنصفة والعادلة في تشكيل لجان تنسيقية بين الدوائر المعنية بهذا الشأن وفتحت أبواب اللقاء والتواصل مع المتظلمين أو المعترضين على اجراءات المؤسسة من تلك المجموعة من أسرى الحرب من أجل أن لا يلحق أحد منهم ظلم أو حيف ، وكان البيان الصادر من المؤسسة أكد حق المتضررين من اجراءات المؤسسة في المطالبة بما يرونه حقا لهم وفق السياقات القانونية والادارية المعمول بها في الدولة العراقية.
وفي اشارة مهمة ولافتة أكد البيان خطورة التهويل الذي يمارسه بعض السياسيين تجاه إجراءات المؤسسة الأخيرة من أجل تحقيق منافع ومكاسب سياسية لا توائم المصلحة العامة كذلك أشار البيان الى خطورة الضرر المتوقع على المؤسسة من قبل الحملة الاعلامية المضادة التي يشنها هؤلاء السياسيون وهو بطبيعته خطر يتخطى الى حياة واستحقاقات السجناء والمعتقلين السياسيين التي ضمنتها لهم القوانين الصادرة وقد كان البيان واضحا في تحديد الأسباب التي تدفع بعض السياسيين الى اتخاذ الموقف الأخير والمعادي للمؤسسة وشريحة السجناء السياسيين فقد نبه البيان الى محاولاتهم في تطويع المؤسسة من أجل تنفيذ مطالبهم غير القانونية وهو ما ترفضه المؤسسة وبمؤازرة تامة وقوية من شريحة السجناء والمعتقلين السياسيين .
وهنا نجد مناسبة مؤاتية في توجيه دعوة الى السجناء والمعتقلين السياسيين الى التواصل المستمر مع المؤسسة والدفاع عنها وبلا هوادة بوجه كل حملة مضادة تسعى الى النيل منها وتحجيمها عن الدور المنوط بها لا سيما وأنها تشكل أحد أهم مؤسسات العدالة الانتقالية ومرتكزات نظامنا الديمقراطي العادل .
Post Views: 5٬865