د.حسين السلطاني …
في ظل الاوضاع الاستثنائية يعيش بلدنا اخطر تحدٍّ يمر به في تأريخه الحديث ، فأعداء العراقيين ، في الداخل والخارج كثيرون وَيَتربصون به الدوائر ويتحينون له الفرص للانقضاض عليه ، وليس هناك فرصة سانحة لهم كما هي متوفرة في الوقت الحاضر ، فالدولة والاجهزة الامنية في أضعف وضع لها ، والقوى السياسية عموما فقدت قدرتها على التأثير على مجريات الأحداث ، والمندسين والمخربين في داخل هذه الأزمة أضحو حقيقة لا غبار عليها – فما حدث من عمليات قتل وحرق واستهداف لمؤسسات الدولة ورموز دينية ذات تأريخ مشرف في الدفاع عن حقوق العراقيين والتضحية من إجل عزتهم وكرامتهم وحرياتهم ، لهو دليل واضح على السعي لجر البلد الى الفوضى والاحتراب الداخلي ، وبحمد الله إلتفت الى ذلك أبناء مجتمعنا عموما ، وأعزائنا المتظاهرين السلميّين خصوصا ، لكن هذا المقدار من الوعي العالي الذي يتحلى به الكثير من أبناء شعبنا غير كافٍ لوحده لتفويت الفرصة على الأعداء للنيل من العراق وشعبه الكريم ، بل لابد ان تتظافر جهود الجميع وتتوحد مواقفهم خلف قيادة المرجعية والانصياع التام لتوجيهاتها والالتزام الكامل بأوامرها ؛ لانها الجهة الأكثر معرفة بمتطلبات الواقع العراقي أولا والأكثر حرصا وأمانة على السير به الى بر الأمان ثانيا والأكثر إنصافا وموضوعية في التعامل مع حقوق جميع العراقيين وعلى مختلف توجهاتهم وتنوعهم القومي والديني والطائفي ثالثا ، والأقدر من غيرها في التأثير على الجميع رابعا .
ان العراقيين جميعا يتحملون مسؤولية تأريخية تجاه بلدهم وما يتعرض له من مخاطر غاية في الجسامة ، وعلى الجميع ان يتحمل المسؤولية ، كلٌّ من موقعه ، خصوصا الشرائح الآتية :
١- القوات الامنية على مختلف صنوفها . فهذه القوات الباسلة والغيورة ، تتحمل أكثر من أي وقت مضى المسؤولية تجاه بلدهم وشعبهم بحفظ الأمن لهم وحمايتهم من أي أعتداء ، من الخارج والداخل ، والقيام بهذه المسؤولية التأريخية ، ستبقى موضع فخر وإعتزاز لكل غيور من أبناء هذا البلد ، ومنارا تستضيئ بهديه الأجيال لعقود من الزمن ، نعم يدرك الكثير من أبناء شعبنا حجم الظروف المعقدة التي تواجهها هذه القوات الغيورة ، لكن من الواضح ان قيمة الموقف تكمن بمقدار التضحيات التي يقدمها صاحب الموقف من أجله وحجم الصعوبات التي يتجاوزها في سبيله .
ان تستطيع هذه القوات الغيورة من تجاوز هذه المِحنة ، وتحافظ على سلامة أمن بلدها وحياة شعبها فهو شرف ما بعده شرف وفخر يرفع هاماتهم الى السماء .
٢- المتظاهرون السلميون
وهؤلاء الغيارى الذين يتحملون مهمة الإصلاح لبلدهم وبناء الدولة على أسس عادلة لمجتمعهم ، مسؤولون أكثر من غيرهم على المحافظة على هذا الهدف المقدس وتحصينه من أي إختراق ، سواء من الأعداء المتربصين أو الأصدقاء غير الواعين ، ولا يتم ذلك إلا من خلال الالتزام بتوجيهات المرجعية أولا ومراعاة المصلحة العامة ثانيا والتعاون التام مع الأجهزة الأمنية ثالثا .
٣- العشائر العراقية .
وهذه الشريحة الغيورة هي الأخرى تشكل إحدى الضمانات الاساسية لحفظ البلد من الإنزلاق في أتون العنف والاحتراب الداخلي ، ولذلك مطلوب منهم أن يعيدوا أمجادآبائهم ومآثر أسلافهم المشرفة التي سجلها التاريخ بأحرف من نور في ثورة العشرين الخالدة ، وهذا ماحصل في موقف عشائر محافظة ذي قار الغيورة التي إنتفضت في الوقت المناسب وأعلنت عن إنحيازها لبلدها وقيمها ومبادئها من خلال وقوفها مع مرجعيتها وشعبها وبالتالي رفضها لكل من يريد ان يركب الموجة من الأعداء في الداخل والخارج ،وقد عبر عن هذا الموقف الشجاع والواعي شاعر القبيلة بقوله :
( المرجع هو القائد ، واحنه جنوده وعد عيناه )
( لا لمريكا ولا لسعود الملعب للسيستاني الملعب )
( عگال الوالَ المرجع ذل أمريكا وآل سعود )
( عگالي بيوم المالت ما خلاها اطيح )
ولاشك ستحذو جميع عشائرنا الغيورة حذو هذا الموقف الشجاع والواعي والمسؤول
٤- علماء الحوزة ووكلاء المراجع والطبقة المثقفة في هذا البلد
وهذه الشرائح الواعية من الشرائح المؤثرة في المجتمع من جهة وأكثر من غيرها قدرة على تحليل الواقع وبيان تفاصيله للمجتمع من جهة أخرى ، ولذلك تتحمل مسؤولية كبيرة واستثنائية تجاه المرحلة التي يمر بها البلد ، فهي :
أ- مسؤولة للوقوف مع مطالب الإصلاح والوصول بها الى مراحلها الحقيقية والنهائية والتي تتناسب مع حجم التضحيات التي قدمها المجتمع ، والمعانات التي تحملها من أجلها
ب : المساهمة في توجيه الحركة الإصلاحية باتجاه بناء دولة عادلة ، تحترم الانسان وتكفل عيشه الكريم وتحقق العدالة في أوساطه والتنمية الشاملة لواقعه وتأسيس مجتمع صالح تسوده الالفة والمحبة والتعاون ، وليس الفرقة والتناحر والبغضاء .
٥- عوائل الشهداء والسجناء والمضحين
فهذه الشرائح الكريمة منتشرة في جميع أوساط مجتمعنا العزيز ، وتحظى باحترام الجميع فلابد ان تُمارس دورها في ترسيخ الوحدة ولَم الشمل وتوثيق أواصر الالفة والمحبة والتعاون بين جميع أبناء الشعب العراقي ، ونبذ كل ألوان الخصومات والصراعات ودعوات التفرقة والعنف .
نسأل الله ان يوفقنا جميعا للخير والصلاح والسلام : ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ) المائدة : ٢
Post Views: 4٬728