د. حسين السلطاني …
( الحلقة 2 – أ )
طالعت جميع التعليقات التي تفضل القرّاء الكرام بإبدائها حول الموضوع ، وقد كانت مفيدة وناضجة وبالتأكيد ستثري النقاش ، وأسمحوا لي هنا بتسجيل بعض الملاحظات :
الأولى : أتمنى على أحبائي جميعا أن نركز إهتمامنا على المضمون الوارد في المقالات ، وبالتالي نتجنب الجدل بقضايا خارجة عن الموضوع ، اقتداء بالهدي القرآني الداعي للاستماع الى مطلق القول ، في حين قيده في مرحلة الامتثال والتطبيق باتباع الاحسن منه : ( الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب ) الزمر : ١٨ .
الثانية : في معالجة أيّ موضوع أمامنا منهجان :
١- المنهج الذي يبدأ بالمعالجة من النتائج ، ويسعى لمعالجة المشكلة من الجزئيات الناتجة عنها ، وهذا المنهج وان ساهم بمعالجة بعض الاشكاليات ، لكنه في أحسن الأحوال سيعالج النتائج المنظورة ، أما غير المنظورة والمتجددة ستبقى مستمرة بوجود عللها وأسبابها ، ثم أنّ ضريبة المعالجة وفق هذا المنهج ستكون مكلفة وباهضة في كثير من الاحيان ، وستواجه المصلح في هذا الطريق الكثير من العقبات ، واذا أردنا ان نقرب المعنى له فهو شبيه الى حدّ كبير بالطبيب أو المريض الذي يعالج الأعراض ويترك العلة ، ولذا قيل : ( الوقاية خير من العلاج )
٢- المنهج الذي يبدأ بالمعالجة من الجذور والاسباب ، ويسعى لوضع الحلول لها ، وهذا المنهج كفيل بإختصار الوقت أولا ويمكنك من تجاوز الكثير من العقبات والمماحكات والخصومات مع الغير ثانيا ، ونحن هنا نعتمد هذا المنهج – الثاني – في المعالجة .
الثالثة : إن من أهم الأسباب التي تقف وراء الازمة السياسية التي يعيشها البلد هي :
١- البنية الدستورية والقانونية للنظام السياسي .
فهذا الخلل في الحقيقة هو السبب في إعتماد مبدأ المحاصصة وتكريس منهج التوافقية والمساومات ، وبالتالي مهّدَ الأرضية لآفة الفساد وهدر أموال الدولة .
٢- الأداء السيئ للحكومات المتعاقبة بعد عام ٢٠٠٣ .
وهذا الخلل هو الاخر ساهم بعدم بناء الدولة على أسس صحيحة ، الامر الذي أتاح الفرصة الى ظهور مراكز قوى متعددة في البلد الى جانب الدولة مما أفقدها هيبتها وعرقل مسيرتها وعثر أداءها .
٣- التدخل الخارجي في شؤون البلد .
شكل هذا العامل أكبر تحدٍّلبناء الدولة وتحقيق آهدافها ، وسنتحدث عن هذا الموضوع بتفصيل أكثر فيما بعد .
٤- التركة الثقيلة التي خلفها نظام حزب البعث وأعماله التخريبية بعد السقوط ، ونفوذ أعضائه في مفاصل الدولة .
٥- التحديات الأمنية التي واجهتها الدولة بعد السقوط ، خصوصا تحدّي داعش .
٦- الخلافات الداخلية : القومية والطائفية والحزبية
٧- الأداء غير المهني لوسائل الإعلام المختلفة وعدم سيطرة الدولة على مواقع التواصل الإجتماعي .
٨- عدم أداء السلطة القضائية لدورها المنشود بالشكل المطلوب لعوامل متعددة .
وهنا في هذه ( الحلقة الثانية أ ) أكتفي بهذا المقدار ، على أمل ان يصلكم الجزء الثاني منها (ب) هذه الليلة بعونه تعالى .
للاطلاع
الحلقة الاولى