الأزمة السياسية في العراق: جذور المشكلة وآفاق الحل

0
1239

د.حسين السلطاني …

( الحلقة 3 – أ )

هذه الحلقة تناقش ما ذهب إليه أصحاب الإتجاه الثاني من أن الأزمة السياسية التي يعيشها العراق تتحمل مسؤوليتها القوى السياسية التي ساهمت في إدارة الشأن السياسي بعد عام ٢٠٠٣ ، والحقيقة إنّ هذا الحكم له نصيب ، غير قليل ، من الصحة ، لكنّ الموضوعية تقتضي من الإنسان المنصف ان لا يعمم هذا الحكم على الجميع من جهة ، ولا يعطيه صفة الإطلاق من جهة أخرى ، بحيث يقول على نحو الإطلاق : إن كل ماحدث في هذه المرحلة تتحمله القوى السياسية لوحدها دون غيرها ، لأنّ هذا الحكم دون شك مجانبّ للواقع ، فلايمكن للإنسان المتابع للأحداث والموضوعي في التقييم أن يطلق هذا الحكم ولا يأخذ بنظر الإعتبار التركة الثقيلة التي خلفها النظام الإستبدادي البائد على الواقع العراقي بأسره ، خصوصا على الإنسان العراقي الذي خرج من هذه الحقبة المظلمة وهو بعاني التشويش الفكري والإضطراب النفسي والتمزق الروحي ، ناهيك عن ما ألحقته تلك الحقبة السوداء من شروخ عميقة على مستوى العلاقات الوطنية والإجتماعية والأسرية وحتى الفردية .
وهل لمنصف يتحرى الحقيقة ويبحث عن تقييم الواقع بدقة ويتجاهل مرحلة الإحتلال وأهداف المحتليين ومخططاتهم الخبيثة ، والتدخل السافر للإدارة الامريكية في إشراك القوى المتناقضة في إدارة البلد ، وبناء النظام السياسي بالطريقة التي تؤمّن لهم استمرار هيمنتهم وفرض إرادتهم على مقدرات هذا البلد ؟
كما لايمكن للباحث عن الإصلاح الحقيقي أن يطلق أحكامه ولا يدخل في تقييمه مرحلة التحدي الأمني الخطير الذي تعرض له البلد من بداية التغيير إلى عام ٢٠١٧ ، وعوامل اخرى متعددة يصعب إحصائها هنا .
لايفهم إنّي أدافع هنا عن القوى السياسية ولا أريد أن أقول أنهم لايتحملون مسؤولية غير قليلة عن ما آلت إليه العملية السياسية ، إصدقوني القول لا أريد ذلك أبدا ، بل كل ما أسعى إليه هنا هو أن نكون جميعا أو على أقل تقدير شرائحنا الواعية والمثقفة متوازنين في تقييمنا للأحداث وحكمنا عليها ، حتى يمكننا بعد ذلك أن نتوصل الى حلول منطقية وعملية لواقعنا الملئ بالمتناقضات ، وإلا سنبقى في دوامة الأزمات والصراعات غير الهادفة ، وان غلفناها بكل أنواع الشعارات المقدسة .
وخلاصة القول في هذه الحلقة : أننا إذا أردنا ان نضع معالجات حقيقية لواقعنا ونقدّم إصلاحات جوهرية لمجتمعنا لابدّ أن نكون موضوعيين ومنصفين في تقييمنا للواقع وأحكامنا على الآخرين ، ليس مع من نحب ، بل القيمة الحقيقية أن نكون كذلك مع من نختلف معهم ، مهما كانت درجة الإختلاف بيننا وبينهم ، كما أراد الله سبحانه وتعالى منا ذلك : ( ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ) سورة المائدة : ٨
نسأل الله أن يُرينا الحق حقا فنتبعه والباطل باطلا فنجتنبه .
في الحلقة القادمة سنناقش بعونه تعالى موضوعا حساسا يرتبط باداء القوى السياسية الشيعية فإلى الملتقى.

للاطلاع ..

(الحلقة – ١ – )
( الحلقة 2 – أ )
(الحلقة 2- ب )
 

 

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here