الأزمة السياسية في العراق: الأسباب وآفاق الحل

0
1126

د.حسين السلطاني …
الحلقة السادسة
٣- مبدأ الفصل بين السلطات .
يعتبر مبدأ الفصل بين السلطات أحد المبادئ الأساسية للنظام السياسي الديمقراطي ، وبناء على هذا المبدأ يتم تقسيم الدولة الى ثلاثة سلطات : التشريعية والتنفيذية والقضائية ، والهدف من وراء هذا التقسيم هو الحيلولة دون إستبداد السلطة اذا ما تمركزت لدى جهة واحدة أولا وسهولة أداء الوظائف لكل سلطة من السلطات وانسيابية سير العمل في دوائر الدولةثانيا ، وهذا الفصل بين السلطات بمقدار ما يحمل من إيجابيات كثيرة يستبطن كذلك بعض الآثار السلبية والمتمثلة بتمدد إحدى السلطات على الآخرى ، أو بابتلائها بالتقاطعات والاختلافات مع عدم وجود مرجعية محددة للفصل بها ، كما هو حاصل في واقع أداءنا الحكومي ، فبعد كل هذه الفترة لم يتمكن النظام السياسي الحاكم في البلد من ترسيخ هذا المبدأ واعتماده بدقة في عمل السلطات الثلاثة ، فقد بقيت السلطة التنفيذية تشكو بشكل مستمر من تدخل أعضاء مجلس النواب في عملها ، مما يسبب لها حرجا شديدا في أداء وظائفها ، فالكثير من أعضاء المجلس ولجانه التخصصية تتدخل في العمل التنفيذي تحت حجة القيام بوظائفهم الرقابية ، وفِي حال عدم الإستجابة لطلباتهم تبدأ عمليات التشهير والابتزاز والتلويح بالإستجواب ، وبهذا يكون عضو مجلس النواب الذي هو مصدر نتاج السلطة ومركزها التشريعي ، والذي يفترض به أن يكون الجهة الاولى المراعية لتطبيق القانون ، يكون هو أحد المنتهكين لتطبيقه ، ولكي نكون موضوعيين في توصيف المشكلة فإن هذا الأداء غير المهني لبعض أعضاء مجلس النواب لم يذهبوا إليه إختيارا بل يمارسوا ذلك إما إستجابة لضغط أحزابهم أو إرضاء للجمهور الذي إنتخبه ، لأن الكثير من هذا الجمهور ينتخب ممثليه للمجلس ليس بناء على كفائتهم لخدمة المصلحة العامة وهو جزء منها ، بل كثيرا ما يكون الإختيار قائما على مصالح شخصية ، ومن أجل تحقيق أهداف خاصة .
والسلطة القضائية هي الأخرى تشكو من تدخل الحكومة بعملها ، سواء في مجال إصدار الأحكام أو مجال التعاون معها في تحقيق موضوع الحكم ، فالسلطة التنفيذية تتحمل جزء كبير من تنفيذ أحكام القضاء ، فالقضاة لايمكن لهم إصدار الكثير من أحكامهم مالم يتم إجراء تحقيق في القضية المقدمة لهم ، سواء كان هذا التحقيق إداريا ، وهو المرتبط بموظفي الدولة وتتولاه دوائرها القانونية ، أو المرتبط بمخالفات وجنايات المدنيين والتي تتولى التحقيق به وزارة الداخلية بأقسامها المختلفة ، فكل ذلك من مسؤوليات الحكومة تجاه القضاء ، وعليه كلما كان هذا التحقيق دقيقا ومهنيا وشاملا لجميع جوانب موضوع المخالفة ، وبعيدا عن المجاملات والمحاباة والتأثيرات ، كلما كان القاضي أكثر قدرة على إصدار الحكم المناسب تجاه الواقعة ، والكلام نفسه يوجه للسلطة القضائية من قبل السلطات الأخرى ، عندما تتلكأ في أداء دورها ، سواء من جهة عدم تعاونها مع السلطتين : التشريعية والتنفيذية أو عدم القيام بمسؤولياتها تجاه حفظ النظام العام ، أو مراعاة حقوق المواطنين ، أو تطبيق أحكام القضاء بشكل عام بمهنية عالية وصلابة تامة .
بهذا يتضح أن مبدأ فصل السلطات لا يعني القطيعة أو عدم الأنسجام بينها أبدا بل يعني منع تدخل كل سلطة في وظائف ومسؤوليات السلطة الأخرى ، لكن في الوقت نفسه بينهما تمام الوحدة والانسجام والتعاون في محال تحقيق أهداف الدولة ومسؤولياتها العامة تجاه المجتمع ، ومن أجل تحقيق ذلك وتفادي حصول التنازع بين السطات تعمد الدول الى إتخاذ عدة إجراءات ، منها :
– إصدار تشريعات لازمة تحدد بدقة صلاحية كل سلطة من السلطات .
– تحديد جهة مختصة حيادية وظيفتها الفصل بين هذه السلطات في موارد النزاع .
وفِي تقييمنا لأداء النظام السياسي الراهن في بلدنا على هذا الصعيد – فصل السلطات – نجد هناك خللا واضحا في إلتزام كل سلطة من السلطات بوظائفها المحددة ، وكذلك في مجال العمل المشترك في تحقيق أهداف الدولة ومسؤولياتها العامة، ومسؤولية هذا الخلل يقع في الواقع على عاتق أطراف متعددة : تشريعية وتنفيذية وقضائية ، بل وحتى مجتمعية ، نعم حجم المسؤلية يختلف من جهة لأخرى ومن شخص لآخر بالنظر لمستوى مسؤوليته ومقدار تأثيره .

للاطلاع …

(الحلقة – ١ – )

 

( الحلقة 2 – أ )

 

(الحلقة 2- ب )

 

( الحلقة 3 – أ )
( الحلقة 3 – ب )
 
( الحلقة ٣ – ج )

 

الحلقة الرابعة
 
الحلقة الخامسة

 

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here