حضارة العراق وستراتيجية الخراب الشامل

0
1793

فاضل الحلو …
العراق متخم بحضاراتهِ كالبابلية والاشورية والسومرية، وهي قد تزامنت مع الحضارة الفرعونية، وسبقت كل الحضارات الاخرى، وكانت لها الفضل على كل الحضارات الانسانية باكتشافاتها وما تركته من إرث رائع أولها، الشرائع القانونية، والكتابة المسمارية وغيرها.
والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا تسعى الايادي الخفية في طمس تاريخنا فما عرض أو ما قيل عن الحضارات العراقية، يكاد أن يكون صفرا قياسا بالافلام والبحوث التي تعرض باستمرارعلى شاشات التلفزة العربية او الاوربية عن الحضارة الفرعونية المصرية، أو عن الحضارة الاغريقية والرومانية وحتى الحضارات الاخرى المكتشفة حديثا.
وهنا لايقع اللوم على العرب والغرب فقط, بل السبب هو في وسائل الاعلام العراقي, الذين لم يكن همهم غير توزيع صور القائد الضرورة سابقاً ومن تلاه لاحقاً بعد خراب البصرة كما يقول المثل السائد .
لم يلتفتوا للبلد لا حضاريا ولا ثقافيا, مادام ولي النعمة يغدق عليهم بالاموال ويتغنون بهم بشعارات تلفزيونية لايسمعها غيرهم او بعض منافقيهم، ولم يكن هناك من مؤسسات ترعى رحلات سياحية تنقل صورة عن اثارنا او حضارتنا, او تنتج افلاما عن تلك الحضارات.
والمطلع الحصيف على تجارب البلدان يجزم بما لا يقبل الشك ان التجربة العراقية بكل مراحلها إحدى أكثر التجارب فشلاً في التاريخ الحديث، كون تجربتنا اعتمدت الفوضى الخلاقة التي لم تأخذ بالحسبان حالة التوازنات القائمة ولم تأخذ أيضاً في الحسبان النتائج المترتبة على هكذا فوضى، وأقصد بالنتائج الدماء التي سالت وتسيل وكل هذا الخراب البشري والتقهقر الأخلاقي وانهيار الدولة بالكامل.
أين هي عملية البناء ؟ وأين هي الجوانب المشرقة التي نخجل ان نتحدث عنها ونشير اليها في اطروحاتنا… هل الجانب المشرق قابع في دهاليز وظلمات مجاري المياه في بغداد الغارقة وفي خرائب مدننا وفي قطاعنا الزراعي المدمر، وفي مستوى التعليم ومستوى الخدمات الصحية وباقي الخدمات أم في أرصدة الطبقة الجديدة من المسؤولين ومقاطعاتهم من الأراضي والعقارات والشركات.
فمن المسؤول عن خراب حضارتنا العراقية ؟ من المسؤول عن الاصرار على اندثار مجدنا؟ من المسؤول عن ضياع تاريخنا بهذه الصورة البشعة؟ وكأن التاريخ يصر ان يعيد نفسه مرات في خلق ذات الشخصيات الغير مسؤولة في العراق.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here