حكمت البخاتي …
تحمل الذاكرة السجنائية أعباء ذكريات نازفة بالألم وهي إذ تختزن تلك الجراح فانما تجد فيها الثمن الصعب الذي تحملت أعبائه من أجل وطن لم يجد السجين السياسي أو يرضى ببديل عنه ،
انه العراق الذي صاغت العلاقة به أقدار السماء وحكمت بتوطنه أقدار الحب والعشق الانساني للأرض المنشأ – المولد ، هكذا وطننا هكذا أرضنا بالنسبة لنا كعراقيين التحمت فيه رئتنا بأنسام دجلة وعبقات الفرات .
وكان ذلك الثمن قدر أن ندفعه في منازلة الطغاة فانهم اجتثوا أواصر الانتماء الى هذا الوطن و فرطوا بالارض ولم يرتوا من الوفاء الذي يفيض به الرافدان العظيمان فأضاعوا الوطن بالحروب العابثة وكم هي رخيصة أرواح العراقيين في معاييرهم وقيمهم الوافدة من أعماق الزوايا المعتمة للعنصرية البعثية وللكراهية الطائفية ، وقبل الحروب واضاعة الأوطان أهملوا الأرض واستساغوا جفاف منابع العطاء في هذه الأرض المعطاء حين حرموا انسان هذه الأرض من حق الحياة والكرامة وحق الحرية والسلام فالانسان خضرة الأرض كما يدور في العقيدة الشعبية وهو الذي تغدوا به الأرض معتمة وخربة اذا ضاقت به سبل الحياة وأحرجته سياسات الطغاة .
وكان لابد للانسان العراقي من المواجهة والثمن المعهود للمواجهة مع الطغاة هو الشهادة أو السجن أو النفي ولم يأبه نضالنا العراقي بكل أشكال وأساليب نظام البعث والدكتاتور في مواجهة الأحرار فانطلقت مواكب السجناء تتلوها قوافل الشهداء وتعقبها زرافات المنفيين من الأرض والوطن لكنها مواكب وقوافل وزرافات لم تنكل ولم تهن في المواجهة بل استمرت دؤوبة في النضال وملازمة الجهاد حتى أذنت شمس الحرية أن تشرق وأن تنجلي عن وطننا وأرضنا عتمة أيام الطغاة ويسقط البعث والدكتاتور .
لكن تظل جراح الذاكرة ثائرة بالتذكير باستمرار المواجهة وأن بقايا البعث وشوائب الدكتاتورية في أذهان هذه البقايا لازالت تنكأ تلك الجراح وتتكلف محاولات المحو لكل آثار الطغاة مما يجدر بنا توثيق هذه الذاكرة الجريحة وإدامة التذكير بمأساة الشعب تحت حكم طغاة البعث حتى لاتتكرر عودة أخرى للبعث ودكتاتوره .
وقد سعت مؤسسة السجناء السياسيين وبجهد قسم العلاقات والاعلام الى تنفيذ هذا التوثيق من خلال اصدارها سلسلة مهمة من مذكرات السجناء السياسيين واقامة المعارض التوثيقية بهذا الاتجاه وكان أخرها معرضها التوثيقي في نصب الشهيد وبالتعاون مع المؤسسة الشقيقة مؤسسة الشهداء .
Post Views: 1٬472