انتخاباتنا المبكرة والدخان الابيض

0
933


نعيم ياسين …

واخيرا.. تجاوز العراق في (13 / 10 / 2022) عقدة انتخاب رئيس الجمهورية وتبع ذلك انحلال عقدة الحكومة التي ينتظرها الجميع, لاح الدخان الابيض لناظريه متصاعدا من قبة البرلمان مشوبا بدخان الكاتيوشا معلنا بشارة الاتفاق بين الكتل السياسية على انتخاب رئيس جديد للعراق, والرئيس الجديد كلف مرشح الاكتلة الاكثر عددا بتاليف الحكومة حسب نصوص الدستور. لم يحقق الرئيس الجديد عبد اللطيف رشيد الفوز من الجولة الاولى حيث الفوز هنا يتطلب تصويت ثلثي مجلس النواب, فجرت جولة ثانية ليفوز باكثرية الاصوات على منافسه برهم صالح.

ماجرى في مجلس النواب كان واقعا ديمقراطيا نفخر به في عراق تقاذفته الانظمة الدكتاتورية منذ (1958), التنافس كان شديدا بين المتنافسين عبد اللطيف رشيد وبرهم صالح والتصويت معلنا, ولاضغوط على اي نائب في منح صوته لهذا او ذاك, لم يشب الحدث سوى القصف بصوايخ الكاتيوشا الذي جربته الجهة الفاعلة لتعطيل الحياة السياسية في البلاد ولم تفلح حيث كان الاصرار النيابي على انجاح جلسة الانتخابات وشجاعة النواب في منازلة الكاتيوشا امرا واضحا. ان وصف الحكومة قبل تاليفها والاطلاع على برامجها بالتبعية والعباسية وربما السفيانية والاموية لن نتوقف عنده, فهو بعيد عن مفردات النقد السياسي المحبك الذي يتناول البرنامج واوجه القصور في الاداء, وهو فكاهة اقرب منها الى النقد.

الحكومة على طريق التاليف برئاسة محمد شياع السوداني مقترنة بحلول منتصف تشرين الاول هذا العام اذ نكون قريبين من الذكرى الاولى للانتخابات المبكرة التي تكدر وضع العراق بعدها وصار كسفينة يتقاذفها موج بحر هائج. في العالم الذي يعتمد الانتخابات في تداول السلطة بين احزابه وكتله السياسية هناك انتخابات مبكرة تجرى استثناءً لمعالجة انسداد سياسي, وليس لتفرخ انسدادا سياسيا كما هو الحال في العراق منذ سنة.

في بريطانيا التي تعتمد اعرق نظام برلماني في عالم اليوم يتنافس حزبان كبيران – المحافظون والعمال – يتبادلان الحكم من خلال انتخابات عامة وفي حال واجهت ازمة ثقة برئيس الحكومة في مجلس العموم فالبديل يتم اختياره باسرع وقت في انتخابات داخلية يجريها الحزب الحاكم فلم يتاخر تاليف الحكومة الجديدة اكثر من اسبوع … وفي ايطاليا فاز اليمين المتطرف في الانتخابات العامة قبل شهر وتالفت الحكومة في اقل من اسبوعين وانتهى الامر…

في عراق قانون حمورابي وملحمة كلكامش وعهد الامام علي (ع) كل شيء يجري في عالم خاص فلا فوقية للدستور. سنة انقضت شهد العراق فيها دما ودموعا وضاعت فرص لاتقدر بثمن حيث الانتخابات بنتائجها كانت ازمة وانسدادا سياسيا, وكاد العراق يحترق من اقصاه الى اقصاه بنار التنافس السياسي والاحتكام الى العنف والاستقواء بالسلاح لولا تداركه الله تعالى, امنية كل عراقي ان تتم وقائع ما بعد الدخان الابيض بسلاسة, الامنية : حكومة خدمات وخدمة, وبرنامج واقعي تستعيد معه الدولة هيبتها وابويتها للجميع.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here