رفاق المحنة يترجلون

0
891


د.حميد الطرفي …

واحداً تلو الآخر رفاق المحنة وبقية سيف الجلاد يترجلون ، ليودعوا هذه الدنيا ، ولا غرابة في الموت ، فـ(حكم المنية في البرية جاري … ماهذه الدنيا بدار قرارِ) ولكن شتان بين من يودع تاريخاً حافلاً بالصبر والثبات والايمان والعزيمة وبين غيره ، نعم فكل واحد من هؤلاء تاريخ بحد ذاته ، يضم تحت جوانحه الف حكاية وحكاية من حكايات الجلادين ، ولوعة الأهلين ، ورحلة عقد من الزمان في طوامير الموت والعذاب ، رحلوا وفي أخيلتهم مشاهد ومشاهد من قرابينهم التي قدموها لمذابح الحرية ، ومما رأوا بأم أعينهم من فجائع وويلات التعذيب ، هؤلاء يرحلون ولازال تحت جفونهم حرقة الدموع على إخوتهم في الله وهم يتلوون من سياط الجلادين فلا يجدون لهم ولياً ولا نصيرا .

ننعى اليوم رفيقاً وصديقاً وأخاً من بلدة عانت ما عانت من الويلات ، إذ نُفي العشرات من عوائلها إلى نگرة السلمان في الثمانينات من القرن الماضي وزُجّ بالعشرات من ابنائها في غياهب السجون المغلقة ، ومثلهم تلقفتهم مشانق البعث والمقابر الجماعية ، إنها (بلد ) بلدة الصمود والتحدي ، ننعى اليوم بأسىً بالغ أخانا سمير يوسف البلداوي الذي قضى عقداً من سني شبابه في زنازين أبي غريب حتى اذا ما سقط النظام وتسنم ادارة مرقد السيد محمد عليه السلام ألمَّ به المرض العضال حتى فارق الحياة .

حان لك ان تستريح يا ابا علاء فقد عانيت الكثير الكثير وصبرت الكثير الكثير ، لقد مضيت صابراً مسلّماً بقضاء الله وقدره ، حان لك ان ترحل لكي تلقى ما وعد الله به الصالحين .

لقد كنت خفيف الظل ، صبيح الوجه ، كريم اليد ، عشت حميداً ومضيت صابراً راضياً إن شاء الله ، اللهم أحسن عواقبنا واقبضنا اليك قبل ان يسبق مقتك الينا أو يستحكم غضبك علينا ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here