الموازنة السنويَّة تمنع الإنجاز

0
908

سالم مشكور …

نقترب من منتصف العام وما زال مشروع موازنة هذا العام يخضع للنقاش والتجاذب.

حتى لو كُتب له الوصول إلى التصويت، فإن الموازنة تحتاج إلى شهرين لاستكمال تعليماتها وايصالها إلى الوزارات والجهات الأخرى المعنية.

رواتب الموظفين لم ولن تتأثر لأنها تصرف وفق قاعدة الاثني عشرية الثابتة، لكن الجانب الاستثماري في الموازنة هو المنتظر وكذلك الترقيات وتعيين العقود.

لن يبق من العام ما يكفي لاستدراج العروض والاتفاق مع الشركات التي تنفذ المشاريع، ولو حدث فإن العام سينتهي ويتوقف كل شيء بانتظار موازنة العام المقبل والتي ستدخل الدوّامة ذاتها وهكذا دواليك.

هذا هو المشهد كل عام، بينما شهدنا أعواماً بلا موازنة أصلاً، وهذا هو أحد أسباب ضعف الإنجاز وتوقف الكثير من المشاريع.

الحياة معطلة لأكثر من نصف العام بسبب الموازنة.

هنا كانت فكرة موازنة السنوات الثلاث مرة واحدة، التي ننتظر إقرارها.

النقاش المعرقل لموازنة كل عام لا يتعلق كله بتعديلات هدفها مصلحة عامة، بل يتعلق كثير منه بمصالح أشخاص أو جهات سياسية عبر ممثليها في اللجنة المالية.

هكذا رأينا أن بنودا تخصص أموالاً معينة اتضح انها تخدم مصالح شخصية لعضو في اللجنة المالية، أو منافع لفئة سياسية أو اقتصادية، يتبنى النائب إدراجها مقابل مصالحه مع تلك الجهة.

وأيضا رصد أموال لمحافظات تخضع لسيطرة شخصيات سياسية، من أجل رفع عقود ضخمة تعود بالنفع على هذا السياسي وليس أبناء محافظته.

إيجابية الثلاث سنوات للموازنة الحالية تخضع لمعارضة البعض، ليس بالضرورة لرؤية اقتصادية، بل خوف من عدم تمكن هذا البعض مما يسميه مراقبة – وهو في الغالب ابتزاز- الحكومة ورئيسها.

من التجاذبات حول مشروع قانون الموازنة الحالية هو تخفيضها لموازنة المحافظات الاستثمارية مقابل زيادتها في الوزارات.

مبرر الحكومة هو أن التجربة أثبتت أن تنفيذ المحافظات للمشاريع يصعب السيطرة على ما يترافق معه من فساد، وأن التنفيذ من المركز يضمن نزاهة أكبر، لكن المعارضين يرون ذلك غبناً للمحافظات وعاملاً في عرقلة انجاز المشاريع، رافضين التبرير بالقول إن الفساد موجود في الوزارات كما في المحافظات، وإن الحل يكمن في تنشيط المراقبة والمتابعة بواسطة الأجهزة المختصة.

لكن البنود الخاصة بإقليم كردستان لا يبدو أنها تواجه اعتراضاً كبيراً، رغم انطوائها على كثير من الابهام الذي يتيح للإقليم ومن يتناغم معه في بغداد إمكانية التفسير بالاتجاه الذي يريدون، خصوصا أن مشروع الموازنة خلا من شرط وقف التمويل في حال عدم الوفاء بالتزامات الاقليم تجاه الحكومة الاتحادية.

أرقام مسودة مشروع قانون الموازنة تشير إلى عجز كبير فيها، مقابل هدر كبير في الانفاق غير الاستثماري.

فمثلا نرى لمجلس النواب مبلغا أكثر من 80 مليار دينار كموازنة تشغيلية، فضلا عن موازنة الرواتب المثيرة للجدل والبالغة 338 مليار دينار.

لا أعتقد أن اللجنة المالية ستعترض على ذلك ما دام يخص البرلمان.

في مشروع الموازنة إيجابيات بينها مدتها (3 سنوات) وسلبيات بينها غموض البنود الخاصة بإقليم كردستان، وضخامة أرقام الموازنات التشغيلية، أما الاستثمارية فتحتاج – سواء بقيت مركزية أم أعيدت إلى المحافظات ـ إلى تشديد الرقابة كي لا يذهب اغلبها إلى الفاسدين.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here