
كامل الكناني …
يتناول الاعلاميون العراقيون بين الحين والاخر موضوعة العفو العام ، كما تنتشر التحليلات السياسية حولها بشكل لايمكن حصره بذوق او اتجاه معين.
فهنالك من يبادر بالهجوم على القوى السياسية والحكومة ويتركز الهجوم على القوى الاسلامية والاطار بشكل خاص محملينهم مسؤولية اطلاق سراح الارهابيين والمجرمين ، وقد يأخذ الطرح ابعادا اقل حدة وهجومية ولكنه يركز ايضا على ان اطلاق سراح الارهابيين جريمة لايمكن السكوت عليها، ويغمز الكثير من مدوني النت ومغردي تويتر ومعلقي الفيس على هذه الاخبار وكأنها حقيقة ، ويتهمون الشيعة عموما بالمسؤولية عنها.
الاطراف الاخرى تتناول القضية من زاوية اخرى وهي تحويل هذا التداول الاخباري وكأنه منجز لجماهيرها انتزعته من اعدائهم ، مع موجة من البطولات الدينكوشوتية والمزاعم البهلوانية التي لا واقع لها ولاوجود خارجي الا على صفحات الوهم والتضليل الفيسبوكية.
ولعل سائل يسأل اليس هنالك شيء اسمه عفو عام؟ الم يشرع البرلمان هكذا قانون؟ الم توافق الكتل السياسية على اطلاق سراح الارهابيين والمجرمين ؟ والجواب على كل تلك الاسئلة يحتاج لتفكيك القضية بين رغبات قوى سياسية تتناولها ابواق التضجيج وبين قانون يراد تشريعه وعلى الكثير من فقراته عشرات الاعتراضات وهو لازال في طور المقترح.
ومعروف ان اي قانون يمر بمراحل عسيرة لولادته، تبدأ من المقترحات الحكومية التي تناقش تفصيله ومن ثم تقديمه للتصويت في مجلس الوزراء فاذا حاز على موافقة مجلس الوزراء فيمكن القول انه مقترح قانون.
مقترحات القوانين تمر بثلاث مراحل اخرى هي القراءتين الاولى والثانية ومن ثم القراءة الثالثة والتصويت والثالثة موافقة رئيس الجمهورية والنشر في جريدة الوقائع العراقية ، ويعتبر بعض القانونيون ان الفترة اللاحقة لتقديم الطعون هي جزء من المرحلة الثالثة لاعطا فرصة تقديم الاعتراضات بينما اعتبر قانونيون اخرون ان المرحلة الاخيرة لا تلغي قانونية التشريع اذا تم نشره فهو اصبح قانونا حتى لو جاء الطعن لتغيير بعض فقراته ومواده.
من كل ذلك نخلص لنتيجة واضحة هي ان كل ما يتم تداوله من اخبار العفو العام ما هي الا اكاذيب لا تزال في طور التمني والرغبات.
بقي هنالك اضافة لا بد منها وهي ان رغبات البعض في تقديم عفو يشمل الارهابيين والمجرمين والمتورطين بجرائم سرقة المال العام، تصطدم بارادة وطنية تقودها كتل سياسية قوية ، ترفض ادراج اي جريمة ارهابية في سياق فقرات القانون كما ترفض شمول ناهبي المال العام بهذا القانون ، ويدعم هذا الاتجاه اكثرية المواطنين الذين عاشوا ألم ومعاناة العمليات الارهابية ورعبها، ودفعوا ثمنا باهضا في مواجهتها فكيف سيوافقون على تمرير مثل هكذا مقترحات قوانين تدوس على مشاعر ناخبيهم وجماهيرهم؟
ان التصور المعقول لكل هذه المعمعة هو حصول توافق سياسي معقول يدفع لاقتراح عفو عام عن الجرائم البسيطة واطلاق سراح المعتقلين الذين لم يتورطوا بجرائم ارهابية ، لاعطاء فرصة لاستعادة بعض ابناءنا الذي جرفهم السيل الارهابي والتضليل الفيسبوكي، وتمتين عرى التحالفات السياسية لتسمح لتبريد سخونة التصعيد التي تشهدها النزاعات السياسية، والاحتقان الاجتماعي.
Post Views: 1٬175