كاظم محمد الكعبي …
تمر علينا بعد أيام قلائل مناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد، والذي يصادف في التاسع من كانون الأول حيث أقرت الجمعية العامة في 31 تشرين الأول عام 2003 اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، واختارت الجمعة هذا اليوم يوما دوليا لمكافحة الفساد وبيان خطورته، ودخلت الاتفاقية حيّز التنفيذ في كانون الأول عام 2005.
وضمن فعاليات هيئة النزاهة الاتحادية لمكافحة الفساد وأسبوع النزاهة السنوي لإشاعة ثقافة النزاهة ونبذ الفساد ومحاربته يستحسن أن لا نمر على هذه المناسبة مرور الكرام كون بلدنا يأن من هذه الظاهرة المدمرة لاقتصاده وسياسته وبيئته وأمنه وبنيته الاجتماعية.
عرف الفساد بأنه شكل من أشكال خيانة الأمانة، أو جريمة يرتكبها شخص أو منظمة يعهد إليها بمركز سلطة، من أجل الحصول على امتيازات غير مشروعة او إساءة استخدام السلطة لصالح فرد معين.
وللفساد أساليب متعددة منها على سبيل المثال لا الحصر: الرشوة، وسوء استخدام السلطة التقديرية، والمحاباة والمحسوبية، والكسب غير المشروع، والابتزاز واستغلال النفوذ، والاختلاس والسرقة والاحتيال، وغيرها من الأساليب اللاشرعية في التعامل.
وقد أوضح بعض الكُتاب أسبابا عديدة للفساد منها: الجشع، والاحتكار، وضعف الشفافية السياسية، والبيروقراطية الوظيفية، والتضييق على الحريات العامة، والانقسامات العرقية والطائفية والعنصرية، وعدم المساواة وسوء توزيع الثروات، والفقر، وعدم الاستقرار السياسي، ووجود بلدان مجاورة فاسدة، فتنتقل عدوة الفساد بالمجاورة، وانخفاض مستويات التعليم، وعدم الالتزام تجاه المجتمع، وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وغيرها من الأسباب.
وقد كافحت عدد من البلدان هذه الظاهرة لإيمانهم بأنها الحائل دون التقدم والتطور فلا معنى للحديث عن التنمية في ظل آفة الفساد فنقص معدل النمو وتدهور الکفاءة وسوء تخصيص الموارد، بالإضافة إلى نقص الاستثمار المحلي والأجنبي، ونقص الإنفاق على التعليم والصحة لحساب الإنفاق على التسليح والأنشطة الأخرى التي تسهل ممارسات الفساد فيها، کما يؤثر الفساد سلبا على التنمية البشرية من خلال انخفاض الإنفاق العام على التعليم والصحة والبنية الأساسية، وكذلك يضر الفساد بالمشروعات الصغيرة من خلال رفع تکاليفها، کما يصاحب الفساد تزايد عدم العدالة في توزيع الدخل مع زيادة معدلات الفقر.
وهنالك دراسة اقتصادية نُفِّذَت على عدد من الدول العربية تبين من خلالها التأثير السلبي الذي يمارسه الفساد على التنمية الاقتصادية في هذه الدول ، وقد توصلت الدراسة لوجود علاقة سببية بين الفساد والتنمية الاقتصادية في هذه الدول. وتختلف أساليب علاج الفساد في الدول المتقدمة عنها في الدول النامية، وقد يکون من المهم في هذه الدول الأخيرة من أجل علاج ناجع للفساد أن يتم ذلك في إطار استراتيجية لإصلاح الإدارة والحکم، هذا بالإضافة إلى عناصر الاستراتيجية التقليدية للتقليل من الفساد مثل إصلاح هيکل الأجور والخصخصة، وتقليل دور الدولة في النشاط الاقتصادي مع زيادة درجة الشفافية والقابلية للمحاسبة.
Post Views: 879