يوم السجين السياسي العراقي: تخليد للتضحيات وإكرام للمضحين

0
923

كاظم محمد الكعبي

يُعتبر يوم السجين السياسي العراقي مناسبة وطنية مهمة، تُقام سنويًا لتكريم وتخليد تضحيات السجناء السياسيين الذين جاهدوا بأنفسهم بالكلمة والموقف ضد الظلم والدكتاتورية متمثلة بالنظام البعثي المجرم. يُصادف هذا اليوم في الخامس والعشرين من شهر رجب، متزامنًا مع ذكرى استشهاد الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام)، الذي يُعد رمزًا للصبر والثبات في مواجهة الطغيان.

ويُجسد هذا اليوم اعترافًا رسميًا وشعبيًا بتضحيات السجناء السياسيين، ويُسلط الضوء على معاناتهم وصمودهم في سبيل تحقيق العدالة والحرية الاجتماعية. كما يُعزز الوعي المجتمعي بأهمية الدفاع عن حقوق الإنسان وانكار الظلم ومواجهة المفسدين.

إنَّ تحديد يوم 25 رجب ليكون يومًا للسجين السياسي العراقي ليس فقط خطوة رمزية، بل هو أيضًا قرار قانوني جاء لتوثيق هذا اليوم باعتباره مناسبة وطنية. حيث جاء في قانون مؤسسة السجناء السياسيين رقم 35 لسنة 2013 المعدل في المادة 19 عاشراً: يُعد يوم 25 رجب من كل عام هجري، وهو اليوم الذي استشهد فيه الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام)، يومًا للسجين السياسي العراقي.

 هذا التشريع جاء في سياق الاعتراف بمعاناة السجناء السياسيين وتقدير تضحياتهم العظيمة. ويُعتبر هذا اليوم في القانون العراقي يومًا للاحتفاء بالسجناء الذين تم سجنهم بسبب مواقفهم السياسية من الأنظمة الاستبدادية، ويهدف إلى تعزيز حقوق السجناء السياسيين في العراق، والاعتراف بالجرائم التي تعرضوا لها.

فإنَّ ما تعرض له السجناء السياسيون في زمن النظام البعثي المنحل هو فصل مأساوي من تاريخ العراق المعاصر، فصل مليء بالاضطهاد والقمع والتعذيب. فقد كان يشكل أحد أقسى الأنظمة الاستبدادية التي عرفها العالم، حيث مارس شتى أنواع الظلم على كل من عارضه أو انتقد سياساته، سواء من خلال التصفية الجسدية أو الاعتقال التعسفي أو تعذيب المعتقلين. لم يكن السجين السياسي في عهد النظام البعثي مجرد ضحية للاعتقال، بل كان هدفًا لمجموعة من أساليب التنكيل والتعذيب الجسدي والنفسي التي تتجاوز كل حدود الإنسانية.

ولكن رغم هذه الظروف المأساوية، فإنَّ السجناء السياسيين العراقيين في ظل النظام البعثي كان لهم دور البطولة في مواجهة هذا الظلم. فقد صمدوا أمام أقسى أنواع التعذيب، ولم ينحنوا أمام آلة القمع التي استهدفت إرادتهم وكبرياءهم. رفض العديد من السجناء أن يساوموا على مبادئهم، فكانوا يعبرون عن آرائهم بجرأة داخل السجون، والقصص والبطولات عديدة لا يسع المجال لسردها.

إنَّ مواقف هؤلاء الابطال تتجاوز حدود الزمن والمكان، فهم لم يكونوا مجرد ضحايا للنظام البعثي، بل كانوا رسلاً للحرية في العراق. لقد جاهدوا بشجاعة من أجل حقوق وحريات شعبهم، وهم من صنعوا تاريخًا من الصمود والكرامة في مواجهة أبشع أنواع الاستبداد.

وقد اقامت مؤسسة السجناء السياسيين احتفالات مركزية كبرى بهذه المناسبة في السنوات الماضية وبحضور شخصيات سياسية وثقافية بارزة.

وفي عام 2024، أقامت المؤسسة احتفالًا مركزيًا تحت شعار “السجين السياسي العراقي رمز تضحية وكرامة وطن” في قاعة صلاح الدين بفندق فلسطين ميريديان، حيث تم تكريم السجناء السياسيين والاحتفاء بصمودهم، بالإضافة الى بيان ما أنجزته مؤسستهم من خدمات وحقوق لهم.

كما نظمت العديد من الفعاليات الأخرى لتعزيز ذكرى يوم السجين السياسي. من بينها، إقامة الندوات التوعوية التي تركز على حقوق الإنسان ودور السجناء السياسيين في تعزيز الديمقراطية والحرية. كما نظمت معارض فنية وثقافية برزت معاناة السجناء السياسيين وتضحياتهم، من خلال أعمال فنية، وصور توثيقية، وأعمال أدبية تنقل قصصهم وصمودهم.

بالإضافة إلى ذلك، يتم تنظيم زيارات لذوي السجناء السياسيين وتكريمهم، والتأكيد على أهمية تكريم هؤلاء الأبطال الذين قدموا حياتهم من أجل قيم الحق والعدالة. كما تشارك المؤسسات التعليمية في هذه الفعاليات عبر إقامة ورش عمل ومحاضرات لتعريف الجيل الجديد بتاريخ الممانعة ضد الأنظمة الاستبدادية البعثية وأهمية التصدي للظلم.

فيوم السجين السياسي العراقي فرصة لتكريم من ضحوا بحريتهم من أجل البلد، وتذكيرًا بأهمية مواصلة الجهود لتحقيق العدالة والحرية. كما يُمثل دعوة للمجتمع للاعتراف بتضحيات هؤلاء الأبطال والعمل على بناء مستقبل يُكرّم فيه الإنسان العراقي.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here