الرئيسية مقالات العراقيون يستذكرون الذكرى الـ19 لتدمير مرقد الإمامين العسكريين (ع) في سامراء

كاظم محمد الكعبي
في ذكرى أليمة هزّت المشاعر الدينية والإنسانية، يستذكر العراقيون اليوم الذكرى الـ19 لتفجير مرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري “عليهما السلام ” في سامراء ، الذي وقع في شباط 2006، وأُطلِق عليه “أحد أعظم الفواجع” التي عانى منها العراق، إذ تسببت بتعميق جراح الطائفية وترك آثارًا دائمة على النسيج الاجتماعي.
في هجومٍ وصفتْه المصادر الأمنية حينها بـ”المدبر”، اقتحم مسلحون يرتدون زي قوات الأمن المرقدَ المقدس، ووضعوا عبوتين ناسفتين تحت قبته الذهبية العملاقة، التي تُعد إحدى أكبر القباب في العالم الإسلامي. أدى الانفجار إلى تدمير القبة بالكامل وانهيار أجزاء من الضريح، ما أثار صدمةً واسعةً في أوساط العراقيين والعالم الإسلامي. وتمكنت القوات العراقية لاحقًا من اعتقال المنفذين، بينهم مُتطرف تونسي الجنسية، صدر بحقه حكم بالإعدام ونُفذ فيه عام 2007.
لم يكن التفجير مجرد هجوم على مَعلَم ديني، بل شكّل شرارةً لموجة عنف طائفي اجتاحت البلاد، حيث تصاعدت أعمال القتل والتهجير على الهوية، خاصة في بغداد والمدن المختلطة. وأشارت تقارير أممية إلى أن عام 2006 شهد مقتل نحو 34 ألف عراقي، في واحدة من أكثر السنوات دمويةً منذ الغزو الأمريكي .
اندلعت مظاهرات حاشدة في شوارع العراق، رافعةً شعارات الوحدة والرفض للعنف الطائفي، بينما أعلن رئيس الوزراء آنذاك، الحداد الوطني لمدة ثلاثة أيام. من جهته، أصدر مكتب المرجع الديني السيد علي الحسيني السيستاني “دام ظله” بيانًا دعا إلى “ضبط النفس” وحذّر من الانجرار إلى الفتنة، مُعلنًا الحداد سبعة أيام.
رغم إعادة إعمار القبة لاحقًا، تبقى الذكرى جرحًا نازفاً في ذاكرة العراقيين، الذين يرون في الحادث محطةً مفصليةً في تاريخهم الحديث. فبينما يستذكرون الفاجعة اليوم، يتجدد النقاش حول مخاطر التقسيم الطائفي وأهمية الحفاظ على التراث الديني المشترك كجسر للتعايش.
بعد 19 عامًا، لا تزال سامراء شاهدةً على مأساة حوّلت رمزًا للوحدة إلى أداة صراع، لكنها تذكّر أيضًا بقدرة المجتمع العراقي على تجاوز المحن، وسط دعوات متجددة لبناء مستقبلٍ يُجنب الأجيال القادمة ويلات الماضي.
Post Views: 718