نحو اتصال حكومي أكثر احترافية

0
49


فاضل الحلو

في زمن بات فيه الاتصال الحكومي أكثر من مجرد بيانات صحفية وتصريحات عابرة، ظهرت الحاجة إلى بناء منظومة اتصالية حديثة تستند إلى الكفاءة، وتخضع لمعايير مهنية دقيقة، وتتمتع بالقدرة على التفاعل المستمر مع الجمهور، وصياغة رسائل قادرة على التأثير والتوضيح والاستجابة في آن واحد.

ولعل مكتب الإعلام والاتصال الحكومي في الأمانة العامة لمجلس الوزراء يُعد اليوم أحد أبرز أذرع الدولة العراقية في هذا الاتجاه، عبر ما يقدّمه من خطط استراتيجية وورش عمل احترافية، ساهمت – بشكل ملموس – في رفع كفاءة العاملين في مجال الإعلام الحكومي، وفي تعزيز قدراتهم على إدارة الاتصال المؤسسي بأسلوب يواكب تحديات العصر.

رؤية واضحة في بيئة متغيرة

يمتلك المكتب رؤية استراتيجية طموحة تقوم على إرساء خطاب حكومي موحد، رصين، ومنضبط، يعكس حقيقة السياسات والقرارات الحكومية بشفافية ومسؤولية، مع التركيز على بناء جسور الثقة مع المواطنين. وقد تبنى المكتب منذ سنوات نهجًا تحديثيًا، يهدف إلى تحويل الإعلام الحكومي من نموذج تقليدي إلى أداة ديناميكية للتواصل الفعال وصناعة الرأي العام.

ورش تدريبية.. نقل نوعي في الأداء

من أبرز الإنجازات التي تُحسب للمكتب هو اعتماده على مسار تدريبي وتطويري ممنهج، استهدف أقسام الإعلام في الوزارات والهيئات الحكومية كافة. فقد نظّم المكتب عشرات الورش والدورات التي تناولت موضوعات حيوية، من بينها:

  • إعداد المحتوى الاتصالي المؤثر.

  • إدارة الحملات الإعلامية الحكومية.

  • آليات التصريح والتواصل مع الصحافة والإعلام.

  • الاتصال الرقمي وإدارة المنصات الحكومية الرسمية.

  • مهارات الاتصال في أوقات الأزمات والطوارئ.

هذه الورش، التي غالبًا ما يشرف عليها مختصون وخبراء ، شكّلت مساحة تدريبية تفاعلية وفرت للمشاركين أدوات علمية وعملية جديدة، انعكست على أدائهم داخل مؤسساتهم.

الشراكات.. بعدٌ تكاملي للنجاح

لم يعمل مكتب الإعلام والاتصال الحكومي في فراغ، بل اختار طريق الشراكات الاستراتيجية مع مؤسسات محلية ودولية رصينة، كهيئة الإعلام والاتصالات، وبعض المنظمات الدولية المعنية بتطوير الإعلام، ما أتاح فرصة لنقل الخبرات وتبادل النماذج الناجحة، وتكييفها مع الخصوصية العراقية. وهذه الشراكات، بطابعها المؤسسي، منحت الورش والدورات عمقًا نوعيًا ومهنية إضافية.

النتائج على الأرض.. كفاءة وتنسيق أعلى

لا يخفى على المتابعين أن ثمار هذه الجهود بدأت تتجلى بوضوح في أداء العديد من دوائر الإعلام الحكومي، حيث بات هناك وعي أكبر بأهمية التنسيق، وقدرة أوضح على صياغة الرسائل، واستجابة أسرع في الأحداث الطارئة. كما ساهم المكتب في تقليص الهوة بين المواطن وصانع القرار، عبر تحسين أدوات إيصال المعلومة الرسمية، وتوحيد الخطاب بما يحد من التشتت والارتباك الاتصالي.

تحديات حقيقية.. وطموحات مستقبلية

رغم ما تحقق، لا تزال هناك تحديات قائمة تتعلق بتفاوت مستوى الجاهزية التقنية في بعض المؤسسات، أو قلة عدد الكوادر المؤهلة في مجالات الإعلام الرقمي والتحليل الاتصالي. لكن ما يبعث على التفاؤل هو أن المكتب يتعامل مع هذه التحديات بمرونة واستباقية، ويواصل تطوير برامجه التدريبية وتوسيع نطاقها، مع السعي لتعميم ثقافة الاتصال الاحترافي على نطاق أوسع داخل الجهاز الحكومي.

ختامًا…

يمثّل مكتب الإعلام والاتصال الحكومي في الأمانة العامة لمجلس الوزراء حجر الزاوية في مشروع إصلاح الخطاب الإعلامي الحكومي في العراق، وتحويله إلى أداة فاعلة في دعم السياسات العامة، وتعزيز الشفافية، وبناء الثقة المجتمعية، وما يقوم به من تدريب وتأهيل وتخطيط، يُعد استثمارًا استراتيجيًا في كفاءة الدولة وقدرتها على التعبير والتأثير في عالم تحكمه المعلومة وتشكّله الرسائل.

لقد بات من الضروري أن تُكرّس هذه التجربة وتُدعم، وأن تتكامل معها جهود مؤسسات الدولة كافة، ليكون الإعلام الحكومي بحقّ انعكاسًا لوعي الدولة، وأحد أبرز أدواتها في البناء والتواصل.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here