
فاضل الحلو
بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة خطاب الكراهية
في الوقت الذي يحتفل فيه العالم باليوم العالمي لمكافحة خطاب الكراهية، تقف المجتمعات المتعددة مثل العراق أمام مسؤولية مضاعفة، ليس فقط في رفع الشعارات، بل في تجذير ثقافة السلم الأهلي والتنوع وقبول الآخر.
لقد دفع العراق، طوال عقود، أثمانًا باهظة نتيجة خطابات التحريض والتمييز والتخوين والإقصاء، والتي كانت في كثير من الأحيان مقدمة لصراعات دامية وانقسامات سياسية واجتماعية خطيرة. واليوم، لم يعد السكوت على خطاب الكراهية خيارًا، بل أصبح التصدي له واجبًا وطنيًا وأخلاقيًا، يُمارس عبر القانون والإعلام والتربية والمجتمع المدني
الكراهية لا تبني وطنًا
خطاب الكراهية لا يقتصر على السبّ والشتم فحسب، بل يشمل التحريض الطائفي، والتسقيط السياسي، والتمييز الديني أو القومي أو المناطقي.
ومع تصاعد منصات التواصل الاجتماعي، بات من السهل نشر الكراهية على نطاق واسع، ما يتطلب تشريعات حازمة، وتربية اجتماعية عميقة، وإعلامًا مسؤولًا لا يغذي الاستقطاب.
العراق، بتنوعه الكبير، بحاجة إلى خطاب وطني جامع، لا يُقصي أحدًا، ولا يُشيطن الآخر المختلف، بل يفتح الباب أمام المصارحة والمصالحة والانتماء للدولة، لا للطائفة أو العشيرة أو الحزب.
من القانون إلى الضمير
رغم أن العراق يمتلك نصوصًا قانونية تجرّم التحريض والتمييز، إلا أن تفعيل هذه القوانين ما زال محدودًا، ويغيب في كثير من الأحيان أمام الضغوط السياسية أو التفسيرات المجتزأة.
إن مكافحة خطاب الكراهية لا تبدأ فقط من قاعات المحاكم، بل من المناهج الدراسية، والخطاب الديني، والإعلام، والوعي المجتمعي.
فلا يكفي أن نُدين الكراهية، بل يجب أن نربّي الأجيال القادمة على لغة الحوار، وثقافة الاختلاف، وأخلاقيات التعدد.
اليوم العالمي… مناسبة للتفكير لا الاحتفال فقط
اليوم العالمي لمكافحة خطاب الكراهية ليس مناسبة احتفالية، بل وقفة تأمل ومراجعة، لنقف جميعًا كعراقيين ونسأل:
هل نُسهم بخطابنا اليومي، بقصد أو دون قصد، في التحريض؟
هل نصمت حين نرى الكراهية تُنشر أمامنا؟
وهل نُعلي من شأن الهوية الوطنية فوق الهويات الضيقة؟
نحو عراق بلا كراهية
إن بناء عراقٍ خالٍ من الكراهية يبدأ من الاعتراف بأن التنوع ثروة لا تهديد، وبأن القوة تكمن في قبول الآخر لا إلغائه، وبأن المواطنة هي العقد الجامع الذي يعلو على كل انتماء.
في هذا اليوم، لنجدد العهد بأن يكون خطابنا بوصلة إصلاح لا سلاح هدم، وأن نُربي أبناءنا على أن المحبة مسؤولية، والحوار شجاعة، والتنوع مصدر فخر.
Post Views: 84