وقف إطلاق النار بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والكيان الصهيوني تأسيس لمرحلة جديدة

0
56


د. حسين علي السلطاني

وأخيرا وضعت الحرب أوزارها ، فبعد مضي إثني عشر يوما من المواجهة الشرسة بين قوات الجمهورية الإسلامية والكيان الصهيوني المعتدي إنتهت هذه المواجهة بهزيمة كبيرة للعدو الصهيوني ، حيث لم يحقق هذا الكيان أغلب الأهداف التي أعلنها لهذه الحرب الظالمة والاعتداء الآثم على الجمهورية الإسلامية ، فقد بقي السيد الولي الخامنئي الكبير شامخا عزيزا ، وأكثر إقتدارا عما كان عليه قبل الحرب ، وصمدت الدولة الاسلامية بوجه إعتداء آثم وقف خلفه كل قوى الشر في العالم ، لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية ، ولم ينل منها شئ ، وبقيت إيران متمسكة بمواقفها و حقّها في إمتلاك الطاقة النووية السلمية ، و تحتفظ بترسانتها العسكرية للدفاع عن نفسها بوجه أيّ إعتداء غاشم يوجه إليها .

إلى ذلك أفرزت هذه الحرب الظالمة نتائج في غاية الأهمية :

أولا : تماسك الجبهة الداخلية للجمهورية الإسلامية ، فقد سعى الاعداء طيلة عقود ، وخصوصا في هذه المعركة أن يحدثوا شرخا بين نظام الجمهورية الإسلامية وقاعدته الشعبية ، لكنّ الرعاية الربانية إفشلت مخططات الأعداء وبدّدت أحلامهم ، فقد تماسك المجتمع الإيراني بقوة ووقف خلف قيادته ودولته بصمود منقطع النظير ، بعد أن شعر بحجم الاعتداء الصهيوني الأمريكي على حقوقهم وكرامتهم وسيادة بلدهم ، وهذا هو معدن الشعب الإيراني الغيور في الأزمات والمواقف الحرجة .

ثانيا : أثبتت وقائع الحرب عمليا قدرة الجمهورية الإسلامية على مواجهة التحديات والصمود بوجهها مهما كان حجمها ، وأنها تمتلك قدرة عالية للردع ، فعلى مدى إثني عشر يوما إستطاعت إيران أن توجّه ضربات موجعة الى الكيان الصهيوني وأحدثت أضرارا بالغة ودمارا كبيرا في العديد من منشآته العسكرية والأمنية والنووية ، وطالت هذه الضربات جميع الجغرافيا لاسرائيل .

ثالثا : إستطاعت إيران بجدارة كبيرة أن تكسر الهيبة المصطنعة لاسرائيل ، ومرّغت أنفها في التراب ، فقد سعى الكيان الصهيوني على مدى عقود ، ومن ورائه كل وسائل الدعاية الإعلامية الغربية والمتخاذلة أن تجعل من هذا الكيان اللقيط قدرة لا تقهر وحصنا لايمكن أختراقه ، وترسانة عسكرية لا يمكن مواجهتها ، وقد برهنت هذه الحرب بأيامها المحدودة زيف تلك المدعيات وخوائها .

رابعا : أفشلت الجمهورية الإسلامية الكثير من الأهداف التي أعلنها الكيان الصهيوني لعدوانه الظالم عليها ، فقد فشل العدو في القضاء على البرنامج النووي السلمي لإيران ، وإسقاط نظام الحكم فيها ، وتدمير قدرتها الصاروخية والتسليحية ، نعم أحدث ضررا في المنشآت النووية وبعض المواقع العسكرية ، واغتال عددا من قادتها وعلمائها ، رضوان الله عليهم إجمعين ، لكن معرفتنا بطبيعة المجتمع الإيراني ، وصبره ، وحرصه على التفوق يجعلنا مطمئنين على أنّه قادر على استعادة زمام الأمور ومجريات الأحداث لصالحه وترميم ما تضرر من منشآته أو بنائها بوقت قياسي .

خامسا : كشفت الجمهورية الإسلامية خلال هذه المواجهة حجم الخرق الأمني الذي أحدثه الموساد الإسرائيلي في صفوفها ، وضعف منظومتها الدفاعية وتحصيناتها العسكرية ، وكل مواضع ضعفها ، وبالتأكيد ستسعى إلى وضع الخطط والإجراءات اللازمة لمعالجتها .

سادسا : أفرزت هذه الحرب مواقف الدول تجاه الدولة الاسلامية بشكل واضح وعلني ، وبالتأكيد ستعيد الأخيرة النظر في خارطة علاقاتها مع هذه الدول ، وتؤسس لمرحلة جديدة لهذه العلاقات ، وفقا لهذه المواقف ، لا سيما مع دول المحيط الإقليمي ، فإنّ الجمهورية الإسلامية ستثمن عاليا تلك المواقف التي ساندتها في محنتها ، وستقابلها بردّ جميل و تعاون مثمر ، وتنسيق هادف .

سابعا : كشفت هذه الحرب حجم التعاطف والتأييد الشعبي لنظام الجمهورية الإسلامية من قبل الشعوب العربية والإسلامية ، وحجم التضليل الإعلامي الذي كان يمارس ضدها ، الأمر الذي يستدعي من المراكز العلمية والبحثية والثقافية والإعلامية في الجمهورية الإسلامية من وضع ستراتيجية هادفة لاستثمار هذا الوعي والخزين العاطفي في الأمة وتنميته من جهة وتبديد الشبهات وكشف الخداع والتزييف الذي يمارسه الاعداء ضدهم من جهة إخرى .

هذه المعطيات ، وغيرها الكثير ، ستعزز من مكانة الجمهورية الإسلامية على الساحة السياسية اقليميا ودوليا ، و ستساهم من ترصين تماسكها الداخلي ، وترسيخ دورها على الصعيد الفكري والثقافي والإعلامي ، وتجعلها دولة محورية في رسم المعادلات الجديدة للمنطقة والعالم : (ياأيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) محمد: ٧

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here