الرئيسية مقالات إيران تُعيد رسم معادلات الردع وتُحرج الكيان الصهيوني أمام العالم

فاضل الحلو
في خضم التصعيد المتكرر الذي يشهده الشرق الأوسط، لم تعد المواجهة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والكيان الصهيوني مجرد صراع حدودي أو حرب ظلّ، بل تحوّلت إلى اختبار عالمي لقدرة دولة مستقلة على فرض إرادتها وكسر قواعد اللعبة المفروضة منذ عقود.
لقد أثبتت إيران، بعملياتها النوعية وتكتيكاتها الذكية، أنّها تملك زمام المبادرة، ليس فقط عسكرياً، بل سياسياً واستراتيجياً أيضاً.
قدرات إيران: بنية ردع شاملة ومتعددة الأذرع
لم تعد القدرات الإيرانية سراً، بل تحوّلت إلى معادلة واضحة المعالم. فمن البرنامج الصاروخي المتطور، القادر على الوصول إلى عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى القدرات السيبرانية التي أربكت البنية التحتية للعدو، وصولاً إلى الحضور القوي لمحور المقاومة في الجبهات الإقليمية (لبنان، سوريا، العراق، اليمن، غزة)، يتضح أنّ إيران أسست منظومة ردع متعددة الأبعاد.
القوة الصاروخية الإيرانية، التي جرى اختبارها في ميادين عدة (من قصف قاعدة عين الأسد إلى ضرب مواقع في كردستان العراق وسوريا)، وصلت إلى نقطة متقدمة من الدقة والتنسيق، لدرجة جعلت الكيان الصهيوني يعيد النظر في قدراته الدفاعية، رغم تمويله الغربي غير المحدود.
ما فعلته إيران بالكيان الصهيوني: نهاية التفوق المزعوم
الضربة الإيرانية التي أعقبت اغتيال القادة، وما تبعها من هجوم صاروخي مباشر غير مسبوق على الكيان الصهيوني ، شكلت تحوّلاً استراتيجياً في قواعد الاشتباك، إيران لم ترد بالنيابة، بل وجّهت الضربة من أراضيها، في تحدٍ سافر لتفوق “القبة الحديدية” ودعم الولايات المتحدة، ورغم استخدام الدفاعات الغربية، وصلت صواريخ وطائرات مسيّرة إلى العمق الصهيوني، ما أثار ذعراً غير مسبوق في الشارع الإسرائيلي.
لم يكن الهدف من الضربة مجرد رد اعتبار، بل توجيه رسالة مباشرة: زمن الضربات من دون ردّ قد انتهى، وأي عدوان على إيران أو رموزها سيقابل بردّ قاسٍ ومباشر.
الرسائل الإيرانية إلى العالم: توازن جديد بالقوة
-
للولايات المتحدة وأوروبا: إيران ليست دولة يمكن تطويقها أو إخضاعها بالعقوبات. الرسالة وصلت واضحة من خلال تجاوز منظومات الدفاع الغربية، وإثبات أنّ قرارات طهران لا تُصنع في واشنطن ولا تُقيد في نيويورك.
-
لدول الخليج: الأمن لا يُشترى بالتحالف مع الصهاينة، بل يُبنى بالحوار الإقليمي. إيران، رغم قوتها، لم تغلق باب التفاهم، لكنها حذّرت من أي تطبيع قد يُستخدم كمنصة عدوانية ضدها.
-
للشعوب العربية والإسلامية: خيار المقاومة لا يزال فعّالاً. إيران ليست دولة تبحث عن الهيمنة، بل نموذج لدولة مستقلة تصنع أمنها بيدها، وتدعم الشعوب التي تتعرض للاحتلال والعدوان.
-
للكيان الصهيوني: تفوّقك وهمي، وساحة المعركة لم تعد آمنة. لقد أُسقطت هيبة الردع التي تغنّى بها قادة العدو لعقود، وحان وقت الحساب.
إيران تفرض منطق الردع ولا تنتظر الإذن
لم تعد إيران تتحرك بردود الأفعال، بل تصوغ الأحداث وتعيد هندسة موازين القوى. بصبرها الاستراتيجي، وبنيتها الدفاعية المتقدمة، وشبكة حلفائها، أثبتت أنّ الدولة القوية ليست من تملك السلاح فقط، بل من تملك الإرادة، والشجاعة، والسيادة.
والعالم اليوم يرى بوضوح: هناك شرق أوسط جديد يُرسم… وإيران فيه ليست مجرد لاعب، بل ركيزة توازن لا يمكن تجاوزها.
Post Views: 69