أقام منتدى الشعرباف الثقافي اليوم ، الجمعة ، ندوة ثقافية بعنوان (أدب السجون برؤية سجين سياسي) حاضر فيها مناصفة السجين السياسي الدكتور فالح حسن الأسدي والسجين السياسي الروائي ناهض الهندي .
الجلسة أدارها الأستاذ عادل العرداوي… وحضرها رئيس المجمع العلمي العراقي الشاعر محمد حسن ال ياسين ورئيس مؤسسة السجناء السياسيين الدكتور حسين السلطاني وجمع غفير من الادباء والشعراء والكتاب والإعلاميين.
الدكتور فالح حسن الأسدي تطرق إلى إن السجين السياسي في طبعه فيلسوف ومثقف وثائر ومتمرد وهو يرفض الظلم والقيود ويحب الحياة وينفتح على الآخرين، وهو على استعداد أن يهرول إلى الموت إذا تجاوزت على قناعاته ومتبنيات فكره، مبينا إن السجن كان يحتوي على مجموعات نوعية علمائية ومثقفة ومتنوعة ومن جميع المحافظات.
وأشار الأسدي إلى إن معرفة الإنسان لنفسه وحقيقته في هذه الخلوة الإلزامية تعد رؤية فلسفية هادئة وناضجة وسهلة وما يؤيد هذا الكلام إن هناك أحاديث للأئمة المعصومين عليهم السلام تؤكد هذه الحقيقة الأخلاقية والتربوية والفلسفية، فقد ورد عن أمير المؤمنين- عليه السلام- (من عرف نفسه فقد انتهى إلى غاية كل معرفة وعلم).
وعرج الأسدي إلى سجن الإمام الكاظم- عليه السلام- الذي سجن بأمر الحاكم دون أي أن يثبت عليه أي جرم أو مخططات للانقلاب على الحاكم، وخرج الإمام من السجن وهو محمولا على نعش من الأعواد لا تستر ميتا، لافتا إلى دور ومكانة الحوزة العلمية ومنذ تأسيسها عام 448 ه على يد الشيخ الطوسي في عدم مهادنة السلطة… وهي الجامعة التاريخية التي تخرج منها آلاف العلماء والمفكرين والفلاسفة والباحثين وعلى الرغم من كل الظروف القاسية التي واجهتها منذ نشؤوها وإلى اليوم.
أما الروائي ناهض الهندي مؤلف روايات من شقوق الظلام وفينكس وشهقة الحوت فقد استهل الحديث أن الكتابة عن السجن وجع وليست تسلية وليست للذكريات وليس لاستثارة الأحقاد، والمراد من تسطير هذا الوجع هو أن يطلع عليه العالم حتى لا تعاد هذه التجربة من جديد على أي مجتمع في هذا العالم لان الظلم واحد.
وبين الهندي إن أكثر ما يستفزني من الأسئلة بعد السجن هو عن التهمة، وكأن هناك شيء في العقول من حيث لا تشعر… إن هناك صراعا على المكتسبات والمغانم وإنما في الحقيقة كان صراعا بين الإنسان والوحش، الذي لم يرد أن يكون الإنسان إنسانا… والإنسان بطبعه بما أعطاه الله من قابليات هو لديه عقل وهذا العقل عليه أن يفكر، لكنهم أرادوا أن يكون الإنسان ضمن القطيع فيقودونه إلى حيث ما شاؤوا.
وأورد الهندي أمثلة عن أشخاص رواياته وهم أشخاص حقيقيون، وهؤلاء الأشخاص لم تكن لديهم توجهات سياسية أو أعمال مخالفة للنظام السياسي، ولكنهم سيقوا إلى السجون وتعرضوا إلى ظلم شديد. مذكرا بشخصية عقيل في رواية شهقة الحوت، والذي لم يكن يصدق أنهم سيحاكمونه، فكان اعتقاده أنه بعد أشهر من التعذيب سيطلقون سراحه ولم يصدق حينما أعلن الحاكم حكمه بالسجن مدى الحياة، ناقلا نصوص أخرى من رواياته.
واختتم الهندي حديثه بالقول (نحن في السجن استفدنا كثيرا من هذه التجربة، وراجعنا أنفسنا مراجعة عميقة وهو الأمر الذي جعلني اهدي كتابي إلى جلادي.
وألقى رئيس مؤسسة السجناء السياسيين الدكتور حسين السلطاني كلمة مقتضبة في الندوة شكر فيها القائمين على المنتدى والمجالس الثقافية البغدادية على استضافتهم هذه، مؤكدا أن المؤسسة على استعداد كامل لتحمل كافة الأمور اللوجستية والضيافة والمتطلبات الأخرى التي تمكن المجالس البغدادية من الاستمرار في عقد مثل هذه الندوات التي تتحدث عن أدب السجون وطرح تجارب المثقفين والأدباء والشعراء والأكاديميين من شريحة السجناء السياسيين.
وبعد أن فتح الاستاذ العرداوي باب الأسئلة والنقاش والتعقيبات شارك غالبية الحاضرين في توجيه أسئلتهم وأجاب عنها الدكتور الأسدي والأستاذ الهندي واستمرت الندوة لأكثر من ثلاثة ساعات.
وحضر الندوة الأستاذ عدنان فرج الساعدي معاون مدير عام العلاقات والإعلام والشؤون الثقافية في المؤسسة والأستاذ عبد الجبار ال مهدور وعدد من السجناء السياسيين.