المحرر الاعلامي …..
في لقائهِ مع السيد رئيس المؤسسة أثار الاعلامي حيدر زوير عدا من المسائل التي شغلت الراي العام العراقي حول قضايا وامتيازات السجين السياسي وكان السيد رئيس المؤسسة موفقا في الاجابة عليها وتوضيح اشكالاتها، الا أن الطرح الاعلامي كان ينقل تصورات عامة تفتقر الى الدقة والرؤية الموضوعية عن السجين السياسي وامتيازاته وهي تصورات شكلتها عدد من العوامل والظروف التي يمر بها البلد وأثرت في المزاج العام الذي بدوره أثّر في صياغة الرأي العام بشكل سلبي بالنسبة للمؤسسة وعملها وصنع تصور خاطئا عن السجين السياسي، ولعل أكثر تلك التصورات خطأ أن السجناء والمعتقلين السياسيين هم أفراد ينتمون الى الاحزاب السياسية الحاكمة والتي كانت على خط المواجهة والمعارضة مع النظام الدكتاتوري ورغم فاعلية وشعبية تلك الاحزاب في ايام النضال والجهاد وكان عدد من السجناء السياسيين يشكلون قاعدتها الجماهيرية وأعضاءها بل وقادتها إلا أن تعميم هذا الانتماء السياسي على كل السجناء السياسيين فيه مغالطة كبيرة ومجانبة للصواب.
فالأعم الأغلب من السجناء والمعتقلين السياسيين كانوا يتخذون موقفا معارضا للنظام بشكل مستقل ونابع من ظروف المعاناة والقهر التي يعاني منها الشعب العراقي في مرحلة حكم البعث ونظامه الدكتاتوري – المستبد فالحرب المفروضة على الشعب قبل ان تكون مفروضة على دولة ايران كانت سببا في تأليب الشعب على النظام واتخاذ الموقف السياسي المعارض تجاه هذا النظام الجائر والمغامر بأرواح ومصائر الناس.
وكانت السلطة الممنوحة للمنظمات الحزبية العاملة في نواحي وأقضية ومحافظات الدولة العراقية تتسبب في سياسات الهدر العام للكرامة الانسانية وكانت احتجاجات ومعارضة المواطن العراقي لهذا النوع من السلطة غير المعهودة في تاريخ البلد السياسي ومحاولة التصدي الفردي لها وبطرق لا تمت الى العنف بصلة سببا في المصير الى الاعتقال والتحقيق المرفق بأقسى أساليب التعذيب لينتهي الأمر بالمواطن الى منصات المحاكم غير الشرعية وليحكم بأحكام جائرة لم تشرعها هيئات سياسية أو قانونية معترف بها شعبيا ودوليا.
اضافة الى السياسة الشيفونية أصلا التي انتهجها الحزب الحاكم وأدت الى توطين سياسات الازدراء تجاه قوميات ومذاهب دينية وأقليات اثنية رفعت أصوات احتجاجها ومطالبها بالمساواة وفي أكثر الاحيان بشكل فردي ومستقل فأودت بأصحاب هذه المطالب المشروعة الى الغرف المظلمة وزنزانات الاعتقال والتعذيب الذي خط آلامه والى الأبد في ذاكرة السجين والمعتقل السياسي.
وأما سياسات التمييز الطائفي والمناطقي التي اتبعها النظام ونتج عنها ذلك الانقسام السياسي بين مكونات البلد وعرض مفهوم الهوية الوطنية الى خطر انهيار غير محسوب النتائج والتوقعات لاسيما مع إتهامات النظام للمكونات الكبرى في العراق بالعمالة للأجنبي والخيانة للوطن والتي نتجت عن سياسات التمييز الطائفي والمناطقي هذه فانها شكلت احتجاجا واعتراضا سياسيا من قبل المواطن العراقي الذي بدت سياسة البعث ونظامه الدكتاتوري واضحة وجادة في تهميشه واقصائه بل وصل بحكومة البعث ودكتاتورها ان تصادر حقه القانوني والطبيعي بسحب الجنسية العراقية منه وتم اعتقاله وحجزه للسبب أعلاه فأي حزب سياسي شملته تلكم السياسة الجائرة في العالم كله فضلا عن العراق وهو ما يؤكد الصفة الفردية للسجين والمعتقل السياسي وأكذوبة التحزيب الكلي للسجناء والمعتقلين السياسيين التي أخذت بعض الجهات لاسيما التي تظل على صلة بفكر وعقيدة البعث الضال تروج لها من اجل التوهين من قضية السجين السياسي وحصرها بالمنطق الحزبي الضيق وتضليل الرأي العام في محاولة لوضع السجين والمعتقل السياسي وحصره في زوايا اتهامات الفساد المالي التي تحولت الى لعبة اعلامية وتنابزات سياسية.
ولعل صورة المقبرة الجماعية الأخيرة المكتشفة في السماوة لأبناء الوطن من الكرد وهي تحمل دلالات الالغاء القسري للهويات الرئيسية والتي تشكل بمجملها ثابت الهوية الوطنية. وهي تحمل كذلك دلالات الالغاء الجسدي التام للمعارضة السياسية عبر الموت الجماعي في هذه المقابر الجماعية التي كان أبطالها وعناصرها الأطفال والنساء من أبناء شعبنا الكردي فهل كان هؤلاء المعتقلون من الاطفال والنساء ينتمون الى احزاب المعارضة السياسية ؟
وقد تكررت تلك الحالات في عشرات المقابر الجماعية المكتشفة بعد سقوط النظام في وسط وجنوب العراق، فهل كان هؤلاء الأطفال والنساء المحتجزون والمعتقلون من قبل النظام عناصر وأعضاء في الاحزاب السياسية المعارضة للنظام الدكتاتوري ؟