تقرير / فاضل الحلو …
في أصبع المسلة التحتاني كتب القانون الأول للمرأة التي وهبت وجودها الحياتي لأبنها وأعطته سَر الخليقة فأصبح الحاكم المطلق وآله المعبد ،وفي القانون الأول للخليقة شَرعت القوانين المدنية وكان قانون الطفولة أولها .. هكذا تقول الأسطورة البابلية .
من أبقى أحمد أربعين سنة في التيه ليعود للحياة يالها من سنوات عجاف ، كانت دعوتها ساعة الطلق وهي خجلى أسيرة حزينة وحيدة كسيرة أن يحفظ الله أولادها وفي أشد لحظة خجل وحياء مكبلة بالقيود وهي ترمق بعينيها نظرة الجلاد الواقف على رأسها وهي تقول في صمت (ياليتني كنت نسيا منسيا).
جسدا طاهرا وروحا نقية شهيدة وزوجة شهيد وأم شهيد وأولاد سبايا.
أربعون سنة مضت ليعود أحمد الموسوي إلى أهله.. أحمد الروح المعذبة في التيه والضائع على تراب وطنه ، يعود ببركات الدعاء لأم مفجوعة ليس لها غير الله.. تنظر لوليدها الذي سيؤرخ صفحات مسافر بلا هوية ولا عنوان ولا وجود ليقول للعالم اجمع وبعد اربعين سنه وجع انا موجود.
تداخلت الكلمات مع بعضها في الاحتفال بعودة السيد احمد في مؤسسة السجناء ، فكان الخطاب عفويا معبرا عن حسرات واحزان اشترك بها جميع الحضور من سجناء وسجينات وليس عجبا أن تداخل خطاب رئيس المؤسسة الدكتور السلطاني وكلمة حيدر الموسوي أخ أحمد فكان التشابه والانسجام في وحدة المعاناة، حيث قال نرحب بهذه المناسبة ولقاء السيد احمد بأخيه حيدر هذه الفرحة التي أدخلت السرور على العراقيين جميعا ، حيث تم تناقلها عبر وسائل الإعلام والقنوات الفضائية والتواصل الاجتماعي، مبينا بعد أربعين عاما من الجهاد تعود لذاكرتنا الحقبة المظلمة التي عاشها الشعب العراقي من قبل سلطة الطاغية (صدام) ، لافتا إلى إن نظام البعث يمثل أسوء حقبة تاريخية مر بها الشعب العراقي.
وبين الدكتور السلطاني في كلمته: إن كل الحضارات والأديان تجعل من الإنسان قيمة عليا وتحترم الطفولة وترعاها، موضحا إن طفل في عمر السنة أو أكثر يسجن ويعذب وتنتهك حقوقه.
وأستطرد الدكتور السلطاني عن احتضان اسرة المرحوم الحاج مهدي شمس الخفاجي وموقفهم المشرف الذي يستحق كل ثناء وتقدير وعلى جزاء كبير عند الله، بنفس الوقت أثار هذا الجانب المواجع والإحزان عند الناس كافة، تصور ان أم شابة في مقتبل العمر تواجه هذا الكم من المصائب وتنتظر الإعدام وتفقد زوجها لأنه أعدم وتحت هذه القسوة من الظروف المأساوية لم يبقى لها سوى ولديها حيدر واحمد وفي لحظة وإذا تفقد ولدها احمد ، تخيلوا أو تصوروا حجم الكارثة التي حلت بهذه العائلة ورغم هذه المأساة ضحت هذه الآسرة الكريمة ومضت في طريق الحرية والخلاص، مؤكدا إن هذه القضية والقضايا الأخرى والقرابين التي اعتلت منصات الشهادة تضعنا أمام مسؤوليات وتحديات وعلينا التحلي بالوعي العالي وعدم السماح بعودة القتلة والمجرمين من أزلام النظام المقبور لكي لا تنتهك هذه الحرمات.
السجناء السياسيون والشهداء تاج على الرأس
فيما أكد رئيس تحالف الفتح الحاج هادي العامري في كلمته على توثيق جميع الأحداث والقصص التي حصلت في السجون الصدامية ، مؤكدا إن السجين لديه الحقيقة الكاملة وهو الذي وقف بكل شجاعة أمام هذا النظام الطاغية ، مشيدا بدور السجينة السياسية وتضحياتها ، لافتا عناية الحضور إن محكمة الثورة سيئة الصيت عندما كانت تصدر قرارا بإعدام احد المجاهدين يقوم الأخوة بمباركته لحصوله على الشهادة .
وقال العامري : فرصة سعيدة أن التقي بكم وأتحدث معكم لكن الحديث مع السجناء السياسيين واسر الشهداء والضحايا له وضع خاص لأنهم قاوموا وقاتلوا وأوصلوا الرسالة (المشروع الإسلامي) ، مبينا إن الحديث عن السجناء السياسيين حديث شيق لكني بنفس الوقت أشعر بالأسف لعدم إيصال الرسالة وتدوين المرحلة التي مر بها العراق ، لافتا عناية الحضور عن تدوين التجربة الإسلامية بشكل مستفيض.
وبين شيخ المجاهدين العامري : إن قصة الأخ (أحمد) تستحق إن تكون فلما سينمائيا كاملا ..نعم أيها الأخوة جاهدنا من اجل الله سبحانه وتعالى لم نعمل من أجل مصلحة خاصة بل عملنا من أجل مسؤوليتنا الشرعية ، ما أريد إن أوضحه هو يجب علينا نقل الصورة الحقيقية للأجيال القادمة ، مشيرا إلى دولة روسيا الاتحادية عن قيامها بعرض أفلام كل أسبوع تحكي تاريخ الحرب العالمية الثانية سنة (1940) وكأن الحرب قائمة .
وأضاف لم يتحدث احد عن تلك الفترة والمشروع الإسلامي والشهيد الصدر الأول (قدس) وعن جنود ومقاتلين في هذا المشروع… من حق السجين السياسي إن يفتخر لأنه يمتلك الحقيقة كاملة لأنكم وقفتم بشجاعة أمام هذا النظام الطاغية ، أنتم قادة هذا المجتمع كل أخت سجينة سياسية هي قائدة في هذا المجتمع ، أبنائها يعرفون أمهم سجينة سياسية ، شريحة السجناء السياسيين قادة المجتمع ، بفضلكم وعملكم وسجنكم تحقق الذي تحقق.. أمامكم مسؤولية كبيرة في توثيق الحقبة الزمنية التي عشتموها في السجون وهذه مسؤوليتنا جميعا ، في قصة سيد أحمد وأخيه حيدر علينا الشروع بكتابة الحقيقة التاريخية لأن (صدام) أوصل العراق ليكون محتلا من الأجنبي ، ، فنحتاج إلى دماؤنا وأنا أقدم دمي أول (واحد) ، مؤكدا على بذل الجهود لتوثيق هذه المرحلة ,تلك الفترة من النظام الطاغوتي ، ولن نسمح بعودة طغاة (البعث) وداعش والقاعدة ومن خلال بصيرة الناس تم إفشال كل المخططات والإنتصار .
فيما أكد السيد حيدر جواد الموسوي في كلمته : لقد كسبنا الحرب وبقينا شهود على حقبة إجرامية مشوهة ، ولولا وجود السجناء السياسيين الشهود الأحياء لغابت الحقيق المروعة، موضحا إن العراق كان في فترة حكم لا تفرق بين صغير وكبير والمقابر الجماعية خير شاهد على ذلك.
وقال السيد حيدر : لقد ذكر الدكتور حسين السلطاني والدتي الشهيدة والظروف التي عاشتها ، كانت أمي (رحمها الله) زوجة شهيد وأم لشهيد وهي سجينة سياسية وان هذا الاستذكار للدكتور السلطاني في مأساة والدتي عاش معنا أربعين سنة ، حرمان أخي احمد من الدراسة أربعين سنة كونه لا يمتلك مستمسكات ثبوتية ونحن أسرة علم ومعرفة ، لكننا انتصرنا بفضل الله سبحانه، أشكر الآسرة التي احتضنت أخي أحمد وزوجته فهذا هو الشعب العراقي الواحد المتراص.
من جانبها قالت السيدة كوكب العطار في كلمتها : الشكر والتقدير لعائلة المرحوم مهدي شمس الخفاجي هذه الآسرة الكريمة التي استقبلت في بيتها طفلين يتيمين مجهولي النسب وجعلتهم يعيشون حياة كريمة طيبة كأنهم أولادهم وهذا بطبيعته لطف ورحمة إلهية.
فيما تحدثت السجينة السياسية السيدة عطور الموسوي عن معاناة عوائل السجينات السياسيات وأساليب التعذيب القمعية التي مارسها أزلام النظام وخاصة النساء الحوامل كيف يتم أخذهن مكبلات بالقيود إلى المستشفيات وبدون رأفة ورحمة.
للاطلاع ..