حسين الصدر …
– 1 –
من الواضح أنّ العراق بلد متعدد المذاهب والأديان والقوميات. ولكنّ ذلك لا يعني، بالضرورة، غياب القاسم المشترك بينهم جميعاً. وأيّ قاسمٍ مشترك أعظم مِنْ حبّ الوطن، وإيثار مصالحه العليا على كل المصالح الفردية والفئوية؟
– 2 –
لقد كانت “المحاصصات” في تشكيل أجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة بمثابة الدّاء العضال الذي أرهق البلاد والعباد، وحال دون وصول الكثير من المبدعين والكفوئين الى مواقعهم المناسبة في الهيكل الوظيفي العام، وتلك خسارة فادحة.
– 3 –
إنّ العراق غنيّ لا بثرواته النفطية والمعدنية حسب، بل بثرواته البشرية أيضا، وإقامة الحواجز والعوائق أمام المهنيين النزيهين من أبنائه – طبقا لمنطلق المحاصصات – يُضرّ به أيّما إضرار، إذ يخنق تلك الكفاءات ويحول بينها وبين الإسهام الفاعل في مشاريع التنمية والإعمار والتقدم، وبالتالي فإنّ الحصيلة النهائية للخسائر لا بُدَّ أن تكون كبيرة للغاية.
– 4 –
إنّ التعويل على لون واحدٍ ليس صحيحا على الاطلاق، في كل المضامير والميادين، لا في المناصب فقط.
– 5 –
وإذا كان من الطبيعي تطلّع كل شريحة من شرائح النسيج العراقي الى أنْ يكون لها دورها المميّز في العملية السياسية، فإنّ ذلك لا يعني فرض منطق المحاصصات عليها، بل يعني لزوم تفهم الطبيعة الجغرافية والسياسية للمجتمع العراقي.وحين لا يغيب عن الحضور مكوّن من المكونات الرئسية في البلاد، ولا تُستبعد أيّةُ شريحة من شرائحِهِ، فإنّ التوازن محفوظ، وهذا هو المطلوب.
– 6 –
من الظلم الفادح أن يختزل الدكتاتور المقبور العراق بذاته، وأن تختزل العراق الجديدَ الكتلُ السياسية النافذة بذرائع الاستحقاق الانتخابي!
– 7 –
إنّ الانتفاضة التشرينيّة في جوهرها هي انتفاضة الرفض المطلق لاختزال البلاد بطبقة سياسية محدودة، أظهرت التجربة فشلها الذريع في تعاملها مع المواطنين العراقيين، الذين لم يروا منها إلّا سوء الخدمات، وتراكم التقصيرات حتى أصبح العراق في طليعة الدول التي نخرها الفساد، فضلا عن المفارقات المرّة الأخرى.
– 8 –
إنّ الفساد هو صنو الارهاب، وقد عانى العراق منهما أشد المعاناة، ولم يعد ثمة مجال للصبر على ما آلت اليه الأوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسية من تدهور.
– 9 –
إنّ ترسانة الأموال المنهوبة، من الثروة الوطنية، والمتسربة الى القوى السياسية النافذة، يجعلها قادرة على المناورة وترتيب أوضاعها المستقبلية، حتى مع تغيير قانون الانتخابات والمفوضية العليا المستقلة. إنّ المليارات من الدولارات المنهوبة من قبل القراصنة السياسيين، الى خارج البلاد، لا بدّ أن تُسترجع عبر الاستعانة بالشركات المختصة وبالتعاون مع الدول والمنظمات الدولية، ولا بدّ من الاصرار على إحالة المفسدين الى القضاء وتجريمهم وانتزاع المال العام المنهوب منهم، وإلاّ فإننا ننتقل من دورة سيّئة الى دورة مثلها.
– 10 –
إنّ خوف القراصنة وحيتان الفساد على أنفسهم هو من أهم وأخطر العوامل المعيقة للوصول الى برّ الأمان.
Post Views: 1٬332