” إقرأ “، أول آية نزلت على صدر نبينا الأمين محمد ( ص )، فالقراءة والثقافة والمعرفة من رسالات ديننا الإسلامي الحنيف، لذلك اهتمت مؤسسة السجناء السياسيين ومنذ تأسيسها في يوم ( 12 / 8 / 2007 ) استنادا لقانونها رقم ( 4 ) لسنة ( 2006 ) بدعوة السجناء السياسيين لتدوين مذكراتهم وقصصهم وصمودهم، بوصفها معرفة تنير الطريق أمام الأجيال، وبالفعل استجاب الكثير من هؤلاء السجناء السياسيين الموهوبين في الكتابة والرسم والخط والفنون المسرحية والسينمائية، فكان هذا الكم الهائل والنوع النادر من التحف التي تحفظ جزءا مهما من تاريخ العراق، وقد ضاعفت المؤسسة جهودها في السنوات الأخيرة في هذا المجال الحيوي والرئيسي من عمل المؤسسة.
إطلالة كربلاء
وقال رئيس مؤسسة السجناء السياسيين الدكتور حسين السلطاني: إن مؤسستنا تقوم بواجبها وتؤدي وظيفتها في تسليط الضوء على الحقبة الدكتاتورية البعثية التي امتدت من عام ( 1968 ) ولغاية سقوط ونهاية تلك الحقبة السوداء عام ( 2003)، وان المؤسسة في هذا الإطار تعمل على مختلف المسارات فهي تستخدم كل وسائل الإعلام والآداب والفنون والمواقع الالكترونية من أجل إظهار الحق وإزهاق الباطل، وضمان دوام نعمة الحرية والكرامة، ومعرض الكتاب الذي أقامته المؤسسة في محافظة كربلاء المقدسة وتحديدا بين الحرمين الشريفين، ليس الأول، فالمؤسسة ومنذ سنوات دأبت على إقامة هذا المعرض بشكل دوري في المناسبات التي تحتفل بها، مثل يوم السجين السياسي ونحوه.
وتابع السلطاني: لكن هذا المعرض بالذات قد حظي باهتمام خاص من لدنا، وقد تابعت شخصيا جهود إقامته، لما للمكان الذي يقام فيه من مكانة سامية مقدسة في نفوسنا وفي نفوس الجميع، واستطرد: نشكر إدارة العتبتين المقدستين على إقامة هذا المعرض في هذه البقعة المباركة، وهذه الموافقة الكريمة تعبر أفضل تعبير عن حرص المرجعيات الإسلامية على نشر العلم والمعرفة من جهة، والتعريف بقضية السجين السياسي من جهة أخرى.
وبين مدير عام دائرة شؤون المديريات واللجان الخاصة الأستاذ جبار موات كسار: أقيم المعرض على أرض المسقف ( 2 ) بين حرم وضريح الإمام الحسين ( ع ) وحرم وضريح أخيه العباس ( ع )، حيث يحج ملايين الزائرين من مختلف أنحاء العالم مؤدين مراسيم الزيارة والولاء لسيد الشهداء وأبي الأحرار الإمام الحسين ( ع ) وأهله وصحبه الكرام.
واضاف كسار: أفتتح المعرض يوم( 27 / 10 / 2020) واستمر لغاية يومين، وقد أنابنا السيد رئيس المؤسسة في افتتاح المعرض، مردفا: وقد أوفدت العتبتان المقدستان مشكورة وفدا رسميا شارك في حفل الإفتتاح واطلع على محتويات المعرض من الكتب واللوحات والوثائق المهمة الخاصة بالسجناء السياسيين.
من جانبه قال مدير قسم العلاقات والاعلام الاستاذ فاضل الحلو ،لم تكن دهاليز السجون المظلمة وسياط سجانيها عنوانا واحدا لشريحة من الشرائح المتنوعة للمجتمع العراقي وهي تعاني اعنف وسائل الاضطهاد للحريات الشخصية وإسكات رأيها فالكلمة شعرا كانت أم نثرا واللوحة والصورة بل حتى الموسيقى وبقية الفنون أذا لم تترجم مفاهيمها وأفكارها في توضيح الممارسات القمعية للأنظمة الدكتاتورية البائدة فهذا سيؤدي بالتالي الى طمس تاريخ ثلة كافحت وضحت من اجل عراق يحلمون بهِ .
واضاف الحلو ، ان المعرض يمثل معاناة السجين السياسي ابان النظام السابق، وما كان يتعرض له وهو يتلقى أبشع أساليب التعذيب الجسدي والنفسي ، حيث شاهدنا الاقبال الواسع من الجمهور للتعرف على كل تفاصيل المعرض الذي يعتبر نقلة نوعية للسجناء السياسيين.
المعروض الأدبي والفني
وأشار الأستاذ ماجد حسين رهك – اعلام مكتب رئيس المؤسسة الذي أشرف ميدانيا على إقامة المعرض: ضم المعرض ( 27 ) كتابا بواقع خمسين نسخة من كل كتاب، تنوعت بين الحكاية والقصة والرواية والمذكرات، وبين فنون الشعر بأنماطه ومدارسه التقليدية والحداثوية، كما ضم المعرض ( 12 ) لوحة فنية، اختلفت مشارب فِرش ناحتيها، إضافة الى ذلك ضم معرضنا ( 16 ) وثيقة نادرة من وثائق النظام البعثي المباد، التي تخص سجناء سياسيين وقرارات حكم بالإعدام أو السجن المؤبد، صادرة من محكمة الثورة سيئة الصيت والسمعة، ومحاكم أخرى، ومديريات أمن مختلفة وفي جميع المحافظات العراقية.
وأسهب رهك: تم ترتيب المعرض وفقا لطرائق العرض الأكاديمية الحديثة المتبعة في المعارض الدولية، فقد رتبت الكتب على طاولة مستطيلة بواقع ( 9 ) متر طولا، ومترين عرضا، فيما أحاطت اللوحات والوثائق بمعرض الكتب لتشكل بمجملها لوحة من فسيفساء الفن والأدب متوضأة بروح المكان ولحظة الزمان.
وفد العتبتين المقدستين
ورحب رئيس وفد العتبتين المقدستين مدير قسم الشؤون الهندسية في العتبة الحسينية المقدسة الأستاذ محمد حسن جودي: أهلا وسهلا بإخواننا، رفاق الزنازين البعثية، انتم ورثة الشهداء، كيف لا نفتح لكم أذرعنا وقوبنا، وأنتم توثقون ما جرى على العراق تحت وطأة الكابوس الصدامي، وابتهج جودي بعد ان اطلع على المعروضات الأدبية والفنية: ان هذا المعرض يكشف عن مواهب وقابليات السجناء السياسيين ويجيب على السؤال المهم، لماذا إعتقل هؤلاء الناس.
وعبّر مسؤول شعبة الشهداء والجرحى في العتبة الحسينية المقدسة عضو الوفد الأستاذ أحمد رسول فرحان: ان السجين السياسي هو ثروة العراق ورصيد العراق وتوثيق قضيته، إنما هو توثيق لصفحة مشرقة من تاريخ العراق، لذلك نرى هذا العدد الكبير من الكتب والمطبوعات، التي خطها السجناء السياسيون بحبر صمودهم ونبوغ أقلامهم، وأضاف فرحان: شكرا لمؤسستنا وعطائها الثر، شكرا لوجودكم بيننا.
فيما قال الاستاذ صلاح الكشوان مدير مديرية سجناء كربلاء ان المعرض ركز على توثيق جميع الأحداث والقصص التي حصلت في السجون الصدامية ، مؤكدا إن السجين لديه الحقيقة الكاملة وهو الذي وقف بكل شجاعة أمام هذا النظام الطاغية ، مشيدا بدور السجين السياسي وتضحياته ، لافتا إن محكمة الثورة سيئة الصيت عندما كانت تصدر قرارا بإعدام احد المجاهدين يقوم الأخوة بمباركته لحصوله على الشهادة .
وقد حظي المعرض بتغطية إعلامية واسعة، وإقبال كبير من النخب الثقافية والأكاديمية وعامة الناس الذين تزاحموا على قراءة عناوين الكتب وتصفحها واقتنائها، مشيرين إلى أهمية هذه المطبوعات واللوحات بوصفها وثائق ومصادر في البحث العلمي والتاريخي، وخارطة طريق ثقافية أمام أجيالنا القادمة.