الرئيسية مقالات إيران تفرض معادلات جديدة بالصراع: قراءة في التحولات الإقليمية

فاضل الحلو
في خضم تصاعد التوترات الإقليمية، تبدو إيران وكأنها تعيد رسم قواعد الاشتباك وتفرض معادلات جديدة على خصومها الإقليميين والدوليين، مستخدمة مزيجاً من أدوات النفوذ العسكري والسياسي والاقتصادي، هذه التحولات ليست آنية، بل هي نتاج تراكم طويل لاستراتيجية “التمدد الذكي” الذي اعتمدته طهران منذ أكثر من عقد.
من الدفاع إلى الردع النشط
بعد سنوات من تموضعها في خانة “الرد الدفاعي”، انتقلت إيران تدريجياً إلى سياسة “الردع النشط”، والتي تقوم على مبدأ إظهار الاستعداد للرد بالمثل أو بما هو أكثر على أي تهديد محتمل، تجلت هذه السياسة في:
الردود المتدرجة عبر حلفائها في اليمن ولبنان وسوريا والعراق.
توسيع نطاق قواعد الاشتباك لتشمل البحر الأحمر وشرق المتوسط، ما يربك حسابات الخصوم.
استخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ البعيدة المدى كأدوات ضغط سياسي وعسكري.
تصعيد مدروس وليس عشوائياً
ورغم ما يبدو من تصعيد، فإن السلوك الإيراني لا يخلو من حسابات دقيقة:
تجنب الصدام المباشر داخل الأراضي الإيرانية.
ضبط وتيرة الردود بما لا يؤدي إلى حرب شاملة، ولكن يُبقي التهديد حقيقياً وقابلاً للتوسع.
الاستفادة من الفوضى الإقليمية في تعزيز أوراق التفاوض في الملف النووي.
رسائل متعددة الأبعاد
كل خطوة إيرانية اليوم تحمل رسائل موجهة لعدة أطراف:
للداخل الإيراني: بأن النظام لا يزال قوياً ومبادراً، رغم الضغوط الاقتصادية .
لخصومها الإقليميين: بأن أي محاولة لعزل طهران أو تطويقها ستُقابل بتوسيع رقعة المواجهة.
لواشنطن وأوروبا: بأن الملف النووي لا يمكن فصله عن النفوذ الإقليمي.
هل نحن أمام معادلة جديدة دائمة؟
المعادلات التي تفرضها إيران اليوم ليست ثابتة، بل مرنة وقابلة للتكيف، لكنها بالتأكيد ترسم واقعاً جديداً في المنطقة:
لم تعد طهران اللاعب المُحاصر، بل الطرف الذي يملك “حق النقض الميداني” في أكثر من ساحة.
خصوم إيران مضطرون لإعادة حساباتهم، سواء من حيث الردع أو من حيث التفاوض.
خاتمة
إيران، بكل أدواتها وحلفائها، لم تعد فقط تستجيب للمتغيرات، بل أصبحت فاعلاً في صناعتها، وما نراه اليوم ليس سوى بداية لمعادلات أكثر تعقيداً، ستحدد ملامح المرحلة المقبلة في الشرق الأوسط، في ظل تراجع الدور الأميركي وتزايد تشابك المصالح بين القوى الإقليمية والدولية.
Post Views: 81