د.حسين القاصد ..
بعد الضغط الجماهيري، والتظاهرات التي انطلقت في محافظات الجنوب والوسط وبغداد، وبعد خطاب المرجعية الدينية الأخير الواضح جدا ؛ بما نص عليه من ضرورة التعجيل في حسم امر تشكيل الحكومة المنتظرة ، ويجب ان تكون حكومة حازمة وقوية تنسجم مع التحديات التي تنتظرها وقادرة على القضاء على الفساد وبؤره وحواضنه، بعد كل هذا، صار الشعب يترقب التئام مجلس النواب في دورته الجديدة واعلان الكتلة الأكبر في جلسته الأولى التي تأخذ على عاتقها تشكيل الحكومة الجديدة .
وللتذكير فقد تراجع العراق طيلة الفترة الماضية بسبب الحرب على داعش وتغلغل الفساد في مفاصل الدولة ، تراجع البلد في اغلب مفاصل حياته ، فعلى مستوى التربية والتعليم والثقافة ، صار التفوق انجازا شخصيا للفرد ، كأن نرى روائيا يفوز بجائزة او نرى براءة اختراع لاستاذ جامعي ، او نرى مدرسا مميزا حقق لطلبته نسبة نجاح تفوق الاخرين ؛ بينما بقيت المؤسسات بعيدة عن الهم التطويري ، فلم نجد مبادرة من وزارة التربية لانقاذ البلد من نسبة الـ 26 % التي كانت عليه في العام الماضي ، ولم نجد مبادرة مشتركة بين الثقافة والتربية والتعليم لانجاز مشترك يرتكز الى ارضية علمية رصينة مشتركة ، تضمن للمبدع الذي يكون منجزه من نصيب الوزارات الثلاث ، تضمن له بعض الحقوق على سبيل المثال الضمان الصحي وذلك اضعف الاخلاص .
لقد مر البلد بحالة تشبه التصحر، وصار يستورد ابسط المزروعات التي من المفترض ان العراق يتميز به ؛ فبلد النخيل يستورد التمر، ويستورد جميع انواع الالبان بعد ان اصيبت صناعته بالشلل التام ؛ لذلك نريد حكومة تخطيط لاحكومات مكرمات واجتهادات لحظوية واستجابات وزارية ترفع من شأن الوزير اعلاميا على حساب المصلحة العامة ؛ فحين تتوفر حكومة الخدمات سوف لا يضطر المواطن للمناشدات وحملات الاستغاثة في صفحات التواصل الاجتماعي وغيرها ، من مثل قبول هذا الطالب في الكلية كذا، واستثناء ذلك الطالب من الشرط كذا ؛ فحين ينتظم كل شيء بتخطيط ويحدد انجازه بزمن محدد ، لن يتحول الاستحقاق الطبيعي الى فضل ومكرمة ولن يكون المانح بطلا اعلاميا تُجيّش له الصفحات الالكترونية ويصفق له المطبلون .
حكومة الخدمات هي حكومة تلبية الاحتياجات التي خرجت الجماهير للمطالبة بها ، وتلبية الاحتياجات واجب على المسؤول واتباعه ، لأنهم يتقاضون رواتب وامتيازات وحمايات ، فليس من المعقول ان يكون لهم كل هذا وليس عليهم تنفيذ الشيء اليسير من احتياجات المواطن، وحين ينفذونها يصبحون نجوما تتناولهم صفحات التواصل الاجتماعية وبعض الاقلام المجندة لهذا الغرض ؛ لذلك والامور تتجه باتجاه او اقتراب عقد الجلسة الاولى لمجلس النواب نطالب بتغيير واضح في جميع المناصب العليا التي اوصلت المواطن الى مرحلة اليأس ومقاطعة الانتخابات.
Post Views: 2٬440