عبد الحليم الرهيمي ..
كان من المتوقع ان تؤدي فاجعة العبارة المروعة ، بأسبابها التي ينتصب الفساد في مقدمتها، وبنتائجها المأساوية المؤلمة ، الى تداعيات سريعة ومباشرة واخرى ستكون اعظم في قادم الأيام .
اول هذه التداعيات تمثل باتخاذ البرلمان في جلسته التي عقدت يوم الاحد الماضي ، قراراً بالاجماع يقضي باقالة محافظ نينوى نوفل العاكوب ونائبيه وتفعيل مهمة خلية الازمة التي شكلتها الحكومة قبل الفاجعة برئاسة الشخصية الموصلية المعروفة الدكتور مزاحم الخياط لتقوم بدور المحافظ ومجلس المحافظة الذي طالب نواب ومجلس اعيان ووجهاء المحافظة بحل هذا المجلس واحالته والمحافظ المقال الى القضاء ومنعهم مع مسؤولي المحافظة ، الذين توجه اليهم تهم الفساد ، من السفر الى الخارج .
لم تكن حادثة العبارة الفاجعة هي السبب المباشر لاقالة العاكوب ونائبيه ، انما بناء على مطالبة (لجنة تقصي الحقائق) التي شكلها البرلمان قبل اكثر من اربعة اشهر للتحقيق في الاتهامات التي وجهتها جهات عديدة للعاكوب ولمجلس المحافظة بارتكاب مخالفات فساد مالي واداري ، حيث توصلت هذه اللجنة الى اقتراح ثلاثين توصية لمعالجة تلك الاتهامات ، غير ان رئاسة البرلمان لم تأخذ سوى بعشرة من الثلاثين وأحالت التقرير ، دون قراءته في الجلسة ، الى اللجنة القانونية .
وبالطبع ، فان اقالة العاكوب ونائبيه والاقتراح لحل مجلس المحافظة واتخاذ اجراءات عقابية اخرى ، ما كان لها ان تتم لولا ضغط هول فاجعة العبارة ، حيث شكل كل ذلك احد تداعياتها المباشرة .
اما ثاني هذه التداعيات المهمة فهو اطلاق رئيس البرلمان محمد الحلبوسي لـ (مبادرة) من ست نقاط ، أبرزها واهمها النقطة الاولى التي دعا فيها الى (البدء بازاحة الفساد وتوسيع رقعة هذا التوجه ليشمل المحافظات الاخرى والمؤسسات التنفيذية التي يشوبها الفساد …)
لقد جاءت مبادرة الحلبوسي تماشياً ، كما يبدو ، مع مطالبات عديدة لنواب وسياسيين من معظم محافظات العراق ، فضلاً عن دعوات العديد من المحللين السياسيين ، لأن تكون فاجعة العبارة لأهالي نينوى بل لكل العراقيين محطة انطلاق لملاحقة ومحاسبة كل من توجه اليهم تهم الفساد المالي والاداري في مجالس المحافظات ومؤسسات الدولة بوجه خاص والمؤسسات والاشخاص ممن يتعاملون معهم ويشاركونهم في عملية الفساد بوجه عام .
واذا كان اعضاء البرلمان من محافظة نينوى ووجهائها ومنظمات المجتمع المدني يصرون على محاربة الفاسدين والفساد في محافظتهم بفعل نكءجراحاتهم التي أثارتها فاجعة العبارة المأساوية ، فان أصواتاً ومطالبات عديدة لبرلمانيين وسياسيين واعلاميين ومنظمات مجتمع مدني دعت وتدعو لاعتبار تلك الفاجعة – الكارثة محطة انطلاق لخطوات جدية وعملية وصادقة لملاحقة الفاسدين والفساد ، وانهاء سياسة ( طمطمة) قضايا الفساد الكبيرة وطمس واخفاء تقارير اللجان المشكلة بشأن معالجتها .
ولعل ابرز الامثلة على ذلك ، والتي يعاد طرحها والاشارة اليها بقوة الان هو السؤال عن مصير تقرير دخول داعش الى الموصل الذي اخفاه رئيس البرلمان السابق كما يتهمه بعض النواب بذلك .. هذا فضلاً عن مصير التقارير عن المتسببين بجريمة (سبايكر) والتقارير عن المقصرين والمسؤولين عن انفجار الكرادة في تموز 2016 .. وغير ذلك من القضايا المتعلقة بالفساد المالي والاداري التي يجري اخفاؤها والسكوت عليها بصفقات وتسويات سياسية!
ان فاجعة – كارثة العبارة في الموصل يجب ان لا تمر دون معاقبة المتسببين لها بل ينبغي، ويأمل ، جميع العراقيين ان تكون فعلاً محطة انطلاق محفزة لملاحقة ومحاربة الفاسدين في جميع مجالس المحافظات ومؤسسات الدولة التنفيذية .. وفي المجتمع ايضاً.
Post Views: 2٬608