تقرير / ثائر عبد الخالق …
لم يعد خافيا على احد إن مؤسسة السجناء السياسيين باتت اليوم ترعى أكثر من (100) ألف أسرة من أبنائها السجناء السياسيين والمعتقلين ومحتجزي رفحا في عموم البلاد وخارجها ، فضلا عن كونها اليوم هي جزء لا يتجزأ من البنية الاجتماعية العراقية برفد قطاعات الدولة ومؤسساتها بخيرة أبنائها من طلبة العلم والموظفين والعسكريين في صنوف القوات المسلحة ، بالإضافة إلى تلبية نداء الجهاد ، فتشكلت قوافل المجاهدين المدافعين عن حرمة البلاد والعباد من أقصاه إلى أقصاه .
وتميزت المؤسسة بسمة الوحدة بين جميع مكونات الشعب العراقي ومارست دورها الوظيفي والأخلاقي في تنمية القدرات لموظفيها من خلال الدراسات والدورات لكي يساهموا في بناء وطنهم ، ونتيجة لتظافر الجهود بين قيادة المؤسسة متمثلة برئيسها السجين السياسي الدكتور حسين السلطاني والمديرين العامين وموظفي المؤسسة والأخوة السجناء السياسيين في تطوير عمل المؤسسة إداريا واجتماعيا وثقافيا ومن أجل كشف الحقيقة على لسان المظلومين والمعذبين وما حصل من ظلم وانتهاك لحقوق الإنسان في الفترة المظلمة من حكم البعث المباد ،فقد دأبت المؤسسة إلى دعم النشاط الثقافي والإعلامي في جميع المجالات ، وما الخطوة التي أدتها المؤسسة في قيامها بأطلاق مسابقة عامة في جميع الفنون الإعلامية والصحفية والكتابة والرواية والقصة ، وبأشراف نخبة من الأدباء والكتاب وذلك لدعم المعرفة والحقيقة من خلال فهم المرحلة التاريخية والسياسية التي مر بها العراق خلال أربعة عقود من حكم البعث الغاشم .
واليوم مؤسسة السجناء السياسيين تحتفل بالنصوص الأدبية الفائزة في مسابقتها الأولى ، فقد أقيمت برعاية معالي رئيس مؤسسة السجناء السياسيين الدكتور حسين السلطاني على قاعة حجر بن عدي الكندي في مقر المؤسسة حفلا تكريميا للفائزين بالمسابقة الأدبية في الرواية والمجاميع القصصية من قبل اللجنة الخاصة بفحص النصوص والتي يرأسها الروائي والقاص العراقي حميد المختار والدكتور موسى الخافور والدكتور عصام صباح إبراهيم والاستاذ مدير العلاقات والإعلام في المؤسسة ماجد رهك مقررا للجنة وبحضور مدير عام الدائرة الإدارية والمالية زيدان خلف ومدير عام دائرة شؤون المديريات واللجان الخاصة الأستاذ جبار موات كسار وجمع غفير من موظفي المؤسسة .
وبعد قراءة آي من الذكر الحكيم ألقى السيد رئيس المؤسسة كلمته والتي جاء فيها : الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين ،السلام عليكم إخوتي الحضور جميعا ورحمة الله وبركاته ، أحييكم جميعا ، وأرحب بكم أجمل ترحيب ، وأشكر لكم جهودكم ومساندتكم ووقوفكم مع مؤسستكم ، مؤسسة السجناء السياسيين، كما أشكر دائرة العلاقات والإعلام وجميع موظفيها على جهودهم في المجال الإعلامي عموما وإجراء هذه المسابقة خصوصا .
أخوتي الأعزة : إن النتاجات التي قدمت في هذه المسابقة والجهود التي بذلها موظفو دائرة العلاقات والإعلام في إقامتها ، تستحق كل الشكر والتقدير والثناء ، لأن هذه النتاجات وثقت لمرحلة تاريخية وسياسية ، تعتبر بحق أسوء حقبة مَر بها العراق في تاريخه الحديث فقد ارتكب النظام الغاشم جرائم شنيعة انتهكت فيها حقوق مقدسة ، وسلبت فيها حريات عامة وبالتالي أقترف من الجرائم ما يندى لها جبين الإنسانية خجلا ، وتقشعر الأبدان وتشمئز من بشاعتها ودناءتها النفوس الطاهرة ، هذه الحقيقة المظلمة خسر فيها العراق خيرة أبنائه الغيارى من العلماء والمفكرين والمثقفين ، وزج فيها الشعب العراقي بصراعات داخلية وخارجية بددت كل موارده وطاقته الاقتصادية ، وعاش خلالها الشعب العراقي فترة اضطهاد وإرهاب وقمع من الصعوبة جدا تدوينها بكتاب أو عرضها بقصة أو تصويرها بفلم .
الأمر يستدعي تظافر جهود جميع الطاقات المثقفة لتوثيق أهم أحداثها المعلنة والظاهرة وهي مسؤولية بدون شك تقع على عاتق الجميع ، لكن مسؤولية ضحايا هذه الحقبة المظلمة والذين اكتووا بنارها وعاشوا احداثها بشكل مباشر لذا ما قمتم به أخوتي الأعزة من جهد وما قدمتم من نتاج في هذه المسابقة يعتبر بحق خدمة كبيرة تقدم للشعب العراقي عموما ، وأجياله التي لم تطلع على احداث تلك المرحلة خصوصا ، لأن أهم ما يحتاجه الإنسان في هذه الحياة هي المعرفة، وأحداث التاريخ ، وتجارب الشعوب خصوصا المؤلمة منها ، تقدم للإنسان معرفة حسية من شأنها أن تجنبه الكثير من المأساة التي مرت فيها الأجيال التي سبقته ، وتوفر له إذا ما استوعبها وتحمل مسؤولياته إزاءها حياة مستقرة وعيشة كريمة ، أتمنى على أخوتي السجناء عموما والطبقة المثقفة منهم خصوصا أن يتحملوا مسؤولياتهم في توثيق تجربتهم الغنية ومواقفهم المشرفة، وعلى دائرة الإعلام أن تستفيد من هذه النتاجات الفنية بالمحتوى والجميلة في الأسلوب سواء في النشر أو تحويلها إلى أفلام أو أي جنس أدبي آخر.
ومن الجدير بالذكر فقد أوعز معالي رئيس المؤسسة الدكتور حسين السلطاني بأن تكون هذه المسابقة الأدبية سنوية ، فضلا عن أضافة الأجناس الأدبية والفنية الأخرى للمسابقة كالفلم والسيناريو والفلم الوثائقي وغيرها من الفنون .
من جانبه أكد معاون مدير عام دائرة العلاقات والإعلام والشؤون الثقافية السيد بشير الماجد في كلمته سعي المؤسسة الدائم لتوثيق جرائم البعث وأظهار مظلومية وتضحيات السجناء السياسيين، مبينا إن معيار ثقافة الأمم تكمن في منجزها الأدبي والفني عموما ولنا خزين لا ينضب من الحكايات العميقة في سفرنا مع الأغلال والقيود مما يشكل لونا أدبيا وجنسا سرديا خاصا كما يطلق عليه البعض بأدب السجون.
وأوضح الماجد، إن دائرتنا تسعى لتفعيل كل المفاصل التي من شأنها توثيق بطولاتنا وإظهار حجم الجرم والظلم والاضطهاد الذي مارسه النظام المباد بحق الشعب العراقي، شاكرا في الوقت نفسه دور معالي رئيس المؤسسة الدكتور حسين السلطاني في إنجاح هذا العمل، متمنيا بعد هذه الخطوة أن تتبعها خطوات للمشاركة عربيا وعالميا من خلال ترجمة الاعمال التي تفوز في مسابقاتنا ونشرها في مواقع أدبية وعالمية.
فيما بين رئيس لجنة فحص النصوص الأدبية الروائي حميد المختار سروره واعتزازه وفخره بهذه الاحتفالية مع مجموعة من كتاب السرد ضد أعتى طاغية بعد هتلر ، مبينا المراحل التي مرت بها البشرية عبر تاريخها عن مفاهيم السجن والسجناء منذ زمن الحضارة الفرعونية مرورا بالمرحلة الأموية والعباسية ، مؤكدا إن أقسى أنواع السجون من لا جدار له وهذا كان زمن (البعث المجرم)، لافتا أن السجن يحمل معنين الأول التعذيب داخل السجن والثاني ترهيب الآخرين خارجه، موضحا أن الكتابة أن تكتب ما ترى لكي تتجاوز الجدار من داخل السجن الى خارجه.
من جانبه قال معاون مدير قسم العلاقات والاعلام السيد فاضل الحلو ،حفل اليوم يهدف الى ترسيخ حضور السجين السياسي وتشجيعه للمضي قدماً نحو آفاق ارحب للابداع والتميز مما سيؤدي الى رفع مستوى الاهتمام والاقبال على دور السجين السياسي وايصال رسائل مهمة غايتها فضح دكتاتورية البعث وماعاناه المثقف العراقي في حينها.
واضاف الحلو ، بكل تأكيد المسابقة ومخرجاتها اثبتت أن النشاط الابداعي للسجين السياسي العراقي بخير وأنه يحاول بكل جهد الحروف صناعة الضوء ليكون مشعّاً وساطعاً وقادراً على إزالة ظلمة الواقع المرير الذي عاشه، ناحتاً لنا عناصر الجمال بدمهِ مرة وبصبره مرات كثيرة.
بعد ذلك تليت القصائد الشعرية فقد ألقى عضو لجنة فحص النصوص السجين السياسي الدكتور موسى الخافور قصيدة بهذه المناسبة ، قال في مطلعها
وماذا إذا علمتنا الحروف
بأن نهريك بابان
وماذا إذا علمتنا الحروف
وعشقك
يجعل النهرين أقرب
وألقى السجين السياسي والكاتب كاظم جويد المحمداوي قصيدته والتي مطلعها
قفا، فتنظرا ما الدهر نابا
وجود بالدموع دماما حبابا
أعيني الزمان رمى بسهم
وما حفل الزمان بمن أصابا
بعدها اعلن رئيس لجنة فحص النصوص الاستاذ حميد المختار اسماء الفائزين وقد جاءت كالتالي:
الفائز بالمركز الاول القاص والروائي عبد شاكر
الفائز بالمركز الثاني القاص والروائي كاظم جوي
الفائز بالمركز الثالث، الكاتبة دعاء محمد علي.
وحصل الناقد والباحث الاستاذ ثائر عبد الخالق على جائزة تقديرية.
ومن الجدير بالذكر “ان ابرز أهداف المؤسسة هي فسح المجال أمام المبدعين من المشمولين بقانونها وتعريف الرأي العام العراقي خاصة والعربي والعالمي بصورة عامة ان السجين السياسي علامة بارزة في الخارطة العراقية ، حيث ركزت الادارة على اتخاذ عدة خطوات كتأسيس متحف السجناء السياسيين وانتاج افلام سينمائية توثق من خلالها معاناة السجين في سجون البعث اضافة لطباعة العديد من الاصدارات التي اطلقت عليها سلسلة ادب السجون .
Post Views: 2٬052