على ضفاف علي (ع) في ذكرى مولده

0
114

نعيم ياسين …

فاق علي (ع) الاوائل والاواخر غير محمد (ص), فقد اتعب الناس جميعا في كل شيء, في عبادته وزهده, وفي شجاعته وعلمه, وفي صبره وحكمته, وفي بيانه حيث نهج بلاغته, وفاقهم في عظيم مظلوميته, وفي ولادته حيث وضعته امنة وسط البيت اذ رفعا, وضعته طاهرة الثياب نقية, فطاب وليدها والمولد.

كان علي (ع) حكيم زمانه وكل الازمان, قال عامر الشعبي وهو من موالي بني امية : تكلم امير المؤمنين علي بتسع كلمات ارتجلهن ارتجالا فقأن عيون البلاغة, وايتمن جواهر الحكمة, وقطعن جميع الانام عن اللحاق بواحدة منهن : ثلاث منها في المناجاة, وثلاث منها في الحكمة, وثلاث منها في الادب, فاما اللاتي في المناجاة قال: الهي كفي بي عزا ان اكون لك عبدا, وكفي بي فخرا ان تكون لي ربا, انت كما احب فاجعلني كما تحب. واما اللاتي في الحكمة فقال: قيمة كل امرء ما يحسنه, وما هلك امرؤ عرف قدره. واما اللاتي في الادب فقال : امنن على من شئت تكن اميره , واستغن عمن شئت تكن نظيره , واحتج الى من شئت تكن اسيره.

نشأ علي (ع) في بيت تتردد كلمة التوحيد في ارجائه, لم يتلوث بالشرك ابدا, فقد كان بيت ابي طالب على الحنيفية , ترعرع علي (ع) على عين المصطفى (ص), فكان يصطحبه معه الى غار حراء حيث محراب النبي, ومكان انقطاعه الى الله تعالى قبل البعثة, وصف علي قربه من النبي قائلا: كنت اتبعه اتباع الفصيل (ابن الناقة) اثر امه, فلم يفارقه ابدا لا في سلمه ولا في حربه حتى فاضت روحه (ص) وراسه الشريف في حجر علي .

اثارت هذه المنقبة, بل كل مناقبه واولها الخشونة في ذات الله, حسد الحساد عليه فلم يبقوا شيئا من المكر الا مكروه به, ولم يتركوا سبيلا شيطانيا الا ركبوه للوقيعة به, فنالوا من شخصه القدسي لتزهيد الناس به, وحاول طمس تاريخه النير, يقول ابو جعفر الاسكافي – من معاصري الجاحظ – في كتابه المعيار والموازنة : ان ملوك بني امية وضعوا رسالة يتدارسونها بينهم ويعلمونها صبيانهم بان الائمة ابو بكر وعمر وعثمان ومعاوية بن ابي سفيان, حتى بات اكثر العامة منهم لايعرف علي بن ابي طالب, ولا نسبه, ولا يجري على لسان احد منهم ذكره.

ذهب مناوئو علي بصحفهم السوداء وظل هو شامخا, عظيما ابد الدهر, حيث لافتى الا علي ولاسيف الا ذو الفقار.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here