عيد العمال: أنشودة الكفاح وسيمفونية العطاء

0
109

أحلام رهك

في مطلع أيار، حين تُزهر الأرض وتتنفس الحياة رحيق الشمس الوليدة، يُطل علينا يوم ليس كغيره، يوم يحمل في جوهره عطر التعب ونبض السواعد، إنه عيد العمال العالمي؛ العيد الذي لا تحيطه الزينة ولا تعلنه الأضواء، بل تحتفل به القلوب التي ذاقت طعم الكدح وشهدت على سحر الإنجاز.

إنه اليوم الذي يتوشّح فيه العرق وسامَ فخرٍ، وتتزين فيه الوجوه بخطوط السنين، حيث لا يُحتفى بالكسل ولا يُمجَّد الترف، بل يُكرَّم فيه من أهدى للعالم بناءه، ومن غرَس في صلب الأرض بذور الحضارة، ومن شاد بيديه أسقف المدن ومدارات المستقبل.

عيد العمال ليس مجرّد محطة في تقويم السنة، بل هو قصيدة تُنشدها الإنسانية لكل من جعل من كفيه أداة للبناء، ومن صوته نشيدًا للعدالة، ومن جهده لغة تُترجم الأحلام إلى واقع. هو المهرجان الصامت للذين يصنعون الضجيج الجميل للحياة اليومية؛ صُنّاع الخبز، ومهندسو الطرق، وحماة الصحة، وسُقاة الأرض.

وفي هذا اليوم، لا نحتفي فقط بالعمال كأفراد، بل نحتفي بروح التضامن التي ألهمتهم أن يطالبوا بحقوقهم، أن يقفوا صفًا واحدًا في وجه الظلم والاستغلال، أن يقولوا للعالم: لسنا مجرد أدوات في آلة الإنتاج، بل نحن نَبضُها.

ومن بين جدران المصانع، وصفوف المزارع، وأروقة المكاتب، تعلو في هذا اليوم أصوات الوحدة، وتُرفع الشعارات لا كنداء عابر، بل كعهد متجدد بأن الكرامة لا تُقاس بالمنصب، وأن قيمة الإنسان ليست فيما يملك، بل فيما يُعطي.

فليكن هذا اليوم محطة للتأمل في قُدسية العمل، وفرصة لتجديد العهد مع العدالة الاجتماعية، ومع فكرة أن الأيادي التي تخلق المعجزات الصغيرة كل يوم، تستحق التقدير لا النسيان، والاحتفاء لا الإهمال.

سلامٌ على كل يدٍ طاهرةٍ سَعَت، وعلى كل قلبٍ مؤمنٍ أعطى، وعلى كل عاملٍ حمل الحلم في جيبه، والمستقبل في يده.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here