فوز واحد… بين المجد والتاريخ

0
129


فاضل الحلو

في كرة القدم، لا تُقاس المسافات بالخطوات بل بالمباريات التي تصنع التاريخ، واليوم يقف العراق أمام واحدة من تلك اللحظات النادرة التي تختصر مسيرة أجيالٍ من التعب والانتظار، لحظةٌ يتوقف فيها الزمن عند صافرة حكم، ويُعاد تعريف المجد عبر فوزٍ واحد، لكنه الفوز الأهم منذ أربعة عقود.

منذ سنوات والعراقيون يحلمون بتكرار لحظة 2007، يوم توّجت الدموع عيون الأبطال، لا بالكؤوس فقط، بل بكرامة وطنٍ جمعته كرة القدم حين فرّقته السياسة. واليوم، مباراة واحدة أمام السعودية يمكن أن تفتح البوابة نحو عالمٍ جديد من الاعتراف والهيبة الكروية، نحو منافسات تضع العراق في مواجهة أساطير اللعبة: ميسي، رونالدو، مبابي، ويامال.

لكن ما وراء هذه المباراة ليس مجرد فوزٍ رياضي، بل رهان وطني على الجهد والانضباط، على الحلم والإيمان، على أن روح الفريق قادرة على تعويض ملايين الدولارات التي صُرفت في الماضي دون طائل. إنها مباراة تختبر عقل اللاعب العراقي قبل قدمه، تختبر قدرته على تجاوز الضغوط والهجمات والانتقادات، وتحويلها إلى حافزٍ لإسكات المشككين وإحياء الثقة بالجماهير.

الفوز هنا ليس رقماً على لوحة النتائج، بل تحوّل نفسي ومعنوي يعيد للعراقيين إحساسهم بالقدرة على الانتصار، في زمنٍ تغلب عليه الخيبات. فوزٌ يعيد رسم صورة العراق في الذاكرة الرياضية العربية والعالمية، ويمنح اللاعبين مكانهم الطبيعي في سجلّ الكبار.

إن مباراة السعودية ليست مجرد مباراة، بل فرصة لتكثيف معنى الوطن في تسعين دقيقة، فرصة ليثبت اللاعب العراقي أنه حين يرتدي قميص المنتخب، فإنه لا يمثل فريقاً فقط، بل يحمل تضحيات الملاعب الشعبية، وحلم الأطفال الذين يركضون حفاة وراء كرةٍ من القماش في الأزقة.

فوز واحد، نعم، لكنه فوز يعيد الزمن إلى العراق، يفتح نافذة للأمل، ويذكّر العالم أن هذا البلد، رغم الجراح، لا يزال قادراً على كتابة التاريخ من جديد — بقدمٍ واحدة… وإيمانٍ لا يُهزم.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here