علي إبن أبي طالب : الدرس الاخير

0
2516

نعيم شريف …
هل أن هذه النفس العظيمة عاشت حقاً على هذه الأرض ؟ هل هذا الكم المذهل من الشرف الإنساني قد تمتع به حاكم على مر تاريخ البشرية ؟ الصفح في حدوده القصوى والعفو في حدوده القصوى ، التعاطف مع القاتل حدّ إثارة غيظ المحبين ، أن يوصيهم خيراً به ، أن يتامل في عينيه ويثير شفقتهم عليه : وهو يقول ((إرفق ياولدي بأسيرك وإرحمه ، وإحسن إليه وإشفق عليه ، الا ترى الى عينيه قد طارتا الى إم رأسه ، وقلبه يرجف خوفاً ورعباً وفزعاً ))
أنا موقن لو انّ عبد الرحمن إبن ملجم أراد أن يستعطفهم على نفسه ، لما كان بليغاً وفصيحاً ومنصفاً ورحيماً مثل ضحيته المشجوج الرأس بسيفه والذي ما إنفك يدافع عنه !
درسٌ في التسامح والرحمة والوصول الى ذرى النبل والشرف الإنساني .
هذا السلوك للإمام كرّس مفهوم حقوق الإنسان كأشرف وأنبل ماتكون عليه حقوق الإنسان ، وبهذا يكون علي إبن أبي طالب ((ع)) أول حاكم مدني ينتمي للدين الإسلامي ويطبق العدالة الصافية بأبهى صورها . فليس بعد الرحمة بقاتلك والشفقة عليه زيادة لمستزيد ، وليس هنالك عدالة أكثر من أن تترافع عن قاتلك بأروع ما تكون عليه المرافعات .
ولاغرو في ذلك ، فهو علي ، سيّد البلاغة حين تذكر البلاغة ، وسيّد الحرب حين يدعو لها الداعي ، سيّد الحكمة والصفح عندما تكون دروساً وفناراً وسراجاً وهّاجاً لمن بعده ، وسيّد العدالة حين تبتغيها الضرورة لحقن دماء الناس . سلام عليك يا سيّد الإنسانية الأول .

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here