اياد مهدي عباس ..
أصبحت قضية مكافحة الفساد فقرة مهمة في جميع البرامج الحكومية ومطلبا جماهيريا من اي حكومة جديدة يمكن ان تتشكل في العراق .
وان من أهم اشتراطات نجاح مشروع الإصلاح الذي طالبت به الجماهير والمرجعية الدينية هو وجود إرادة حقيقية ليس لدى رئيس الوزراء القادم فحسب، بل لابد من توفرها لدى القوى والأحزاب السياسية التي كانت جزءا من المشكلة طيلة سنوات طويلة من خلال تمسكها بمفاهيم المحاصصة والتوافقية والتوازن وتوزيع المكاسب بين الشخصيات والأحزاب كمغانم سلطوية تحولت فيما بعد لمكاسب شخصية لبعض الانتهازيين الذين استغلوا تلك المناصب لتحقيق منافع شخصية وحزبية على حساب تقديم الخدمات وعلى حساب مشروع بناء الدولة العراقية .
ومن الأهمية بمكان ان نقول هنا بان الإصلاح الحقيقي يجب ان ينطلق من وضع الحلول الواقعية لمعالجة الظواهر السلبية التي رافقت العملية السياسية واهم هذه الظواهر السلبية الحرص على مصالح الحزب وفق نظرة حزبية ضيقة على حساب مصلحة الوطن والمواطن والتي ساهمت في ايجاد حيتان كبيرة تسرق المال العام وتحّول الوزارات التي تحت سيطرتها الى مشاريع استثمارية لصالحها بحماية أحزابها التي تغض الطرف عن سرقات الآخرين مقابل غض الطرف عن سلبيات أعضائها وبالتالي فنحن في أمس الحاجة لمعالجة تداعيات المحاصصة الحزبية من خلال إقرار قانون الأحزاب الذي لم يرى النور منذ سنوات وهو يغفو في ادراج مجلس النواب .
ولهذا يمكننا القول بان المحاصصة والتوافقية كانت في مقدمة الأسباب ومسوغات الفساد الذي استشرى في وزارات الدولة التي تحولت الى مناطق اقطاعية يتم توزيعها تحت جلباب المشاركة والتوازن السياسي والطائفي والقومي .واذا ما أرادت الحكومة الجديدة ان تنجح في مشروعها الإصلاحي، فلا بد اولا ان تخرج من إطار التوافقية والمحاصصة، فمن الغريب ان يصرح البعض بان الاصلاحات تحتاج الى توافقية بين القوى السياسية بينما نحتاج الى تخليص العراق من أخطاء التأسيس والمتمثلة بالمحاصصة والتوافقية التي عرقلت عجلة التطور والبناء في العراق بسبب الصراعات على المناصب والمكاسب بين القوى السياسية والأحزاب التي مازالت تعمل لغاية اليوم بدون قانون يحكمها ويحاسبها عن مصادر تمويلها وينظم عملها ونظامها الداخلي .
ولذلك نجد ان من اهم المعوقات التي ستقف في طريق هذه الإصلاحات هو تمسك الأحزاب والقوى السياسية بحقها في السلطة وفق مبدأ المحاصصة .
ولابد من الإشارة هنا الى ان الإصلاح لا يعني إقالة مسؤول او محاسبة وزير بل لابد من إصلاح النظام السياسي وطريقة توزيع المناصب والوزارات ومراعاة شروط الكفاءة والنزاهة والأهلية في تعيين الوزراء .
ومن هنا نرى بان رئيس الحكومة الجديد مطالب بان يقوم بتشكيل حكومة تكنوقراط ليكون مسؤولا عن نجاحها او فشلها كما تاتي الحاجة اليوم لضرورة تعزيز استقلالية القضاء وتفعيل عمله في مكافحة الفساد وترويج الملفات الغافية في ادراج الهيئات الرقابية والقضائية لاسباب حزبية.
Post Views: 3٬302