
عبد الزهرة محمد الهنداوي ..
لم تمض اربع وعشرون ساعة على خطبة الجمعة التي تدعو فيها المرجعية الدينية دائما الى ضبط النفس وعدم الانجرار وراء حالة الغضب نتيجة فعل او سبب ما ، الامر الذي يؤدي الى نشوب مشاكل وخلافات بين ابناء العشائر ، وقد تكون بين ابناء العشيرة الواحدة ، اقول بعد يوم واحد من دعوة وتحذير المرجعية هذا، نقلت لنا الاخبار عن نشوب معركة حامية الوطيس في احدى المحافظات التي من المفترض ان تكون عشائرها ملتزمة تماما بتوجيهات المرجعية .. وعندما تفتش عن السبب تجده يعود لدجاجة ، نعم دجاجة تتسبب باندلاع معركة بين عشيرتين استخدمت فيها الاسلحة الخفيفة والمتوسطة وتسببت بمقتل اثنين وإصابة اخرين !!
ومعركة الدجاجة هذه لم تكن الاولى في التاريخ القديم او الحديث ، كما انها لن تكون الاخيرة طالما بقي المجتمع يعيش في بيئة مغلقة غير متماه مع ما يشهده العالم من تطور هائل ، وتتميز مثل هذه المعارك سريعة الحدوث بتفاهة اسباب اندلاعها بالمقارنة مع نظيراتها عبر التاريخ ، فإذا كانت حرب داحس والغبراء اندلعت بسبب حصان وفرس !! ، وحرب البسوس التي دامت نحو ثلاثين عاماً وأكلت الاخضر واليابس بسبب مقتل ناقة ، تبدو اسبابها اكثر “مقبولية” ! اذا ما قارناها بسبب مثل دجاجة .
المصيبة الاعظم ان مثل هذه النزاعات العشائرية كثيرة الحدوث ,وقد تستمر لعدة ايام ويذهب ضحيتها الكثير من الابرياء ، ومع تفاهة اسبابها ، ، فان المسببين لها لا يلتزمون بقانون ولا دين ، وإلا لو كانوا يؤمنون بدين او يخشون القانون لما تمادوا في اثارة مثل هذه الصراعات التي دمرت النسيج الاجتماعي وتسببت بحدوث الكثير من المشاكل لعل من بينها تهديد السلم المجتمعي ، ولم تفلح دعوات المرجعية الدينية ، ولا تلويح الحكومة بفرض القانون من الحد من هذه السلوكيات السلبية ، وكأن المجتمع منوم مغناطيسيا او كما يسميه علي الوردي بالتنويم الاجتماعي ، وفيه يبقى الانسان حبيس الماضي ، وأفكاره مقيده بقوالب يصعب الخروج منها !!..
وهنا يأتي دور الدولة والحكومة ورجال الدين لتحطيم هذه القوالب وتحرير افكار الناس منها ، وعملية التحطيم هذه ليست سهلة ، انما تحتاج الى خطط وأدوات تنفيذية ناجعة ، منها التعليم وتوفير الخدمات والعيش الكريم للمواطن وفرص العمل ، لكي ينشغل الناس بحياتهم بعيدا عن مثل هذه السلوكيات السلبية ، والاهم من هذا كله ، وأنا هنا اعده السبب الحقيقي والرئيس وراء حدوث مثل هذه المعارك والصراعات العشائرية ، انما يعود لانتشار السلاح بنحو واسع جدا خارج سيطرة الدولة ، وقد ذهبت جميع المحاولات والدعوات الى حصره بيد الدولة ادراج الرياح ، لان كل تلك الدعوات لم تقترن بإجراءات صارمة من شأنها دفع الناس الى تسليم اسلحتهم الى الحكومة ، ولهذا ، وبعد ان اثبت مثيرو هذه المشاكل والنزاعات انهم لا يلتزمون بفتوى دينية ولا يعيرون القانون ادنى اهتمام .
يتوجب على الحكومة التحرك بقوة لمعالجة ظاهرة انتشار الاسلحة سواء كانت تلك المخزونة في البيوت ودور العبادة والتي تضاهي ما لدى القوات الامنية من اسلحة !، او تلك التي يتم بيعها وتداولها في الاسواق ، فإن لم تقم بمثل هذه الاجراءات التي ينبغي ان تكون رادعة وقوية ، فلا يمكن الحديث عن امكانية الحد من ظاهرة النزاعات العشائرية ، وعلينا ان نتوقع المزيد من المعارك ولأسباب اوهى من من بيت العنكبوت في وقت لم يعد الحال يحتمل المزيد من التوتر … ألا تتفقون معي ؟؟.
Post Views: 2٬772