الدولة والإمساك بالزمن والايفاء بالحقوق

0
1769


حكمت البخاتي

تتعدد مستويات الحقوق وتندرج في طرحها بتراتبية إذ تتقدم الحقوق الأكثر إلحاحا وحاجة تعقبها الحقوق المكملة لكن هناك طرح حديث يتبنى طرحا كليا لمطالب الحقوق وهو دائما ما تختزله أو تتضمنه مبادئ حقوق الانسان الحديثة ، لكن التراتبية – التدريجية والكلية – الآنية مفردات او مفاهيم زمنية وهي بهذا المعنى تشكل حضورها في حقل العمل السياسي الذي تمارسه أو تقوم به الدولة و تظل مطالب الحقوق هذه أو مبادئ حقوق الانسان الأساسية حديثة بالنسبة لنا ؛ لتأخرنا في الزمن السياسي الخاص بنا رغم أن الغرب قد تجاوزها وهو يشتغل الآن في مجالات أخرى أو نسخة أخرى من هذه الحقوق وفق منظوره الثقافي والخاص به والذي استطاع وبفعله وديناميكية تاريخه بناء زمنه الخاص به ليكون زمن العالم الحديث ، فعالم اليوم هو عالم الغرب وفق عبارة محمد خاتمي.

لكن الى أي مدى تستطيع دولنا أو حكوماتنا أن تستجيب الى تلك المطالب بتراتبية أو كليا وبجملة واحدة؟
ان الاستجابة بتراتبية أو كلية تحتكم الى الزمن السياسي الذي بات غير مسيطر عليه في واقعنا العربي فالزمن يفلت من بين أيدينا وصار غير قابل للسيطرة من جانبنا فهو في تقدم مستمر وغير متوقف بينما نحن لا زلنا في توقف مستمر لذلك يكون من العسير جدا القدرة لدى دولنا على الإمساك بالزمن ثم ان من العسير الاستجابة الكلية والآنية لكل المطالب لكن ذلك لا يحول دون الاستمرار بهذه المطالب كلها.

وقد تتوفر لدينا الفرصة على الاستجابة التراتبية اذا توفرت الإرادة السياسية والتي من الممكن أن تؤسس للقدرة على السيطرة على الزمن السياسي والمعني بالزمن السياسي هنا هو الفترة الانتخابية التي تحظى بها الكتل والأحزاب الفائزة بالسلطة وإدارة الحكم في البلاد.

هذه الإرادة السياسية تكتمل عناصر القوة فيها بالثقة الممنوحة لها من الشعب والتي نجحت او فازت تلك الكتل والأحزاب بواسطتها في الانتخابات ، لكن هذه الثقة تظل في نطاق افتراضي في واقعنا الذي يهتز دائما بانعدام الثقة بين الشعب والسلطة وبين المواطن والمسؤول حتى قاربت السلطة دائما النظرة التأثيمية في الذهنية الاجتماعية السائدة في مجتمعاتنا .

ان تكريس الثقة بواسطة إنجازات متحققة على الصعيد الواقعي بكل مشتقاته السياسي والاقتصادي والمعيشي والصحي والخدمي يؤهل إمكانية السلطة على القدرة في اللحاق بالزمن من ناحية التحاق الدولة بالركب الحضاري الحديث أو نظام العالم الحديث الذي تدشن عملية الدخول اليه تاريخيا وسياسيا تلك الإيفاءات بهذه الحقوق والتزام الدولة بأدائها وبالقدر الذي يشترط بالنسبة لدولنا القدرة على الإمساك بالزمن من أجل الدخول الى عالم اليوم فانه يشترط فيها القدرة والقوة المستمدة من شعوبها لاسيما أن عالم اليوم او عالم الحداثة هو عالم القوة المتعددة المجالات لاسيما العلمية والاقتصادية والسياسية منها ولا تتوقف عند القوة العسكرية حصرا رغم هيمنة مبدئها على القوى الامبريالية العالمية لكنها تظل عاجزة امام قوة الدول القوية بدعم واسناد شعوبها لها وهو شرط لا يتحقق إلا بالاستجابة الى مطالب تلك الشعوب في الإيفاء بحقوقها الأساسية والتكميلية في العيش الرغيد والحياة الحرة الكريمة .

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here