سالم هادي …
تموت كي يحيا الآخرون , هذه هي القيادة , هي لون من التضحية المعبرة عن صدق الألتزام , والايفاء بالوعد , والسير في دربك المستقيم الذي لا ريب فيه , وهي صفة لا تتوفر الا بالقليل القليل والذين لو اطلعت عليهم لكانوا أحرص الناس على خدمة الآخرين .
وهي ترجمة لما يحمله سلوك القائد من وعي ومعرفة , وهي انعكاس لمعاني التربية والأخلاق الذي يحمله سلوك القائد .
ولهذا وصلت الدول الديمقراطية الى خطوة الانتخاب وحفزت غيرها من الدول على ضرورة اتباع هذه الخطوة لانتخاب أناس يمثلون رأس الدولة باعتبارهم هم القادة الذين توفرت فيهم هذه الصفات فيسير الناس في ظلهم آمنين مطمئنين كسيرنا في ظل معلمينا الاوائل الذين تركوا بصمة في نفوسنا تمتد الى أيام الطفولة , الى اكثر من خمسين عاما بل هي المرشد الى اليوم لأغلب بل لكل تصرفاتنا .
سقط الصنم وولت غصة اسمها البعث كانت قد جثمت على صدور العراقيين ثلاثة عقود ونصف العقد , ابتسم الجميع , ابتهج الجميع , رقص الجميع وراحوا يمنون النفس بما سيأتي , بما سيحمله لهم قادم الأيام , البناء , الاعمار , المدارس , الجامعات , الماء , الكهرباء , الحدائق , الزهور و…. و….. و..
وهرول الجميع قاصدين مراكز الانتخاب , انه يوم لأختيار قادة أيقنوا ما مر به العراق من سنوات عجاف , عانى خلالها الشعب ما عانى من أنواع الأضطهاد وسجون واعتقالات ومقابر جماعية وحرمان وقتل وتشريد وطائفية , بل ان ما يجري الآن على أرض الواقع هو من بقاياه وتخطيطه , ولهذا أخذ الشعب ميثاقاً على الذين يمثلون رأس الدولة ان يكونوا مخلصين , مراعين للشعب وعدم انتهاج الطائفية التي إن سادت تؤدي بلا شك الى سفك الدماء وعدم الأستقرارولهذا عزمنا الجهاد بلا توقف ومواصلة الليل بالنهارلأجل بناء عراق جديد .
وجاءت دورة للبرلمان وتبعتها أخرى ولم تزل ذات النتائج واصبح العراق هذا البلد الطافي على بحر من النفط يمد يد الحاجة و هو الذي لم يشهد مثال هذه الانتكاسة من قبل .
وهكذا مر عقد ونصف مشيا الى الوراء , نحتاج بقدرها ان لم يكن اكثر لنصل الى نقطة الأنطلاق الأولى – وهكذا صرنا ندور في حلقة مفرغة , حتى اصبح هذا اللون من التعامل مثل السنة الثابتة في تعامل البرلمانيين والسياسيين .
وهنا سؤال اسمحوا لي بطرحه رغم علمي أن لا حَلَّ له ما دام يحمل في طياته دعوة لمراجعة الذات ومحاسبتها والتعهد بجعل نهجها صوب ما يخدم الناس وما يدعو الى الحب والوئام ونشر العدل والسلام .
والسؤال متى يفرض السلام سيادته على مستوى الدنيا , ومتى يحترم العالم صفة الأنسانية , ومتى ينظر كلٌ الى غيره باعتباره نظيراً له بالخلق بصرف النظر عن دينه وافكاره ومتى يشعر الفرد بحاجة الاخرين من خلال الشعور بحاجته .
فالدولة اذن امام امتحان كبير ومسؤولية كبيره هي مسؤولية القرار بالشكل الذي يحفظ للدولة هيبتها وماء وجهها وبخاصة ان الظرف الذي تمر به الآن غير طبيعي والكل قد كشر أنيابه لتحقيق غايات دنيئة كان يخطط لها منذ زمن بعيد وهو تحصيل حاصل ومتوقع لما يترتب على تتبع الأحداث من أثر , كما انه لم تكن هناك فرصة حقيقية أتيحت للعراق وتنفس من خلالها الصعداء كي يخطط ويخطط لما تحتم عليه مسألة النهوض القادمة والتي نأمل تنفيذها في قادم الأيام ان شاء الله تعالى.
Post Views: 1٬400