العراق وآفاق المرحلة المقبلة

0
1993

علي حسن الفواز ..
الجبهةُ السياسية العراقية مفتوحة على احتمالاتٍ متعددة، وعلى تجاذباتٍ من الصعب ضبط ايقاعها، والتعاطي مع مشكلاتها المتوقعة، لاسيما على مستوى الحفاط على مسارٍ آمن للعملية السياسية الديمقراطية، أو على مستوى حماية (المجتمع الوطني) من تجاذباتٍ، وصراعاتٍ لها امتدادات داخلية واقليمية ودولية…
مابعد الانتخابات البرلمانية ليس ما قبلها، ومابعد الانتصار على داعش ليس ماقبله ايضا، لكن الطابع البرغماتي للسياسية الخارجية العراقية هو ماسيكون (حصان السبق) في افراز معطيات سياسية وامنية واقتصادية أكثر اثارة، وأكثر مدعاة لتأطير تلك السياسة وتوجهاتها، لاسيما بعد اعلان الرئيس الاميركي دونالد ترامب بفرض عقوبات اقتصادية على ايران، وما سيتبدى من انعكاساتها السياسية والاقتصادية على العراق، وعلى تعاطي القوى السياسية معها، فضلا عن انعكاسها على خارطة التحالفات البرلمانية القادمة..
الحفاظ على الحق السيادي للدولة العراقية أمرٌ مشروع، وينبغي أن يكون الموقف منه خيارا جامعا، وهو مايعني تأطير السياسة الخارجية على وفق حيثيات السياسة الداخلية، والتعاطي مع حساسيتها بنوع من المسؤولية والمهنية والموضوعية، لاسيما أنّ الدولة العراقية ذات طابع برلماني، وأنّ صياغة المواقف التي تخصّ السياسة الدولية تتطلب دعما داخليا، وتوافقا ينأى بالخيارات السياسية عن التشرذم، والتقاطع، وضمن سياقات موضوعية تنطلق من الحفاظ على وحدة العراق وسيادته، ومن منهجية تقوم على مراعاة مصالحه، وعدم التدخل في شؤون الخاصة من قبل الدول الاخرى، اقليميا ودوليا..
العراق والولايات المتحدة
طبيعة العلاقة مع الولايات المتحدة تكتسب ابعادا متعددة، على مستوى التنسيق الامني والعسكري والسياسي، أو على مستوى مراعاة المصالح المشتركة، لكن هذه العلاقة ليست بعيدة عن التجاذبات السياسية الاقليمية، وخصوصيتها، وحساسية بعض القوى السياسية العراقية مع ايران، وهو مايعني اهمية ابعاد العراق عن أية قضية خلافية، ومن خلال الحصول على ضمانات بعدم تعرّض العراق لأية مشكلات سياسية، وتقاطعات قد تضر بالجمع السياسي والشعبي العراقي، والبحث عن وسائل ناجعة لتجاوزها.
لاسيما أنّ دول الاتحاد الأوربي المتضررة من هذه العقوبات أيضا قد اتخذت حزمة من الاجراءات التي ستحمي شركاتها من العقوبات الاميركية، فضلا عن وجود قرارات لمجلس الامن تضمن حماية مصالح الدول من العقوبات الدولية، فكيف اذا كانت هذه العقوبات اميركية فقط، وهو ماورد في الفقرة 50 من قانون العقوبات الواردة في الفصل السابع والتي تنصّ على (إذا اتخذ مجلس الامن ضد اية دولة تدابير منع او قمع، فإنّ لكلِّ دولة أخرى- سواء كانت من اعضاء الأمم المتحدة أم لم تكن- تواجه مشاكل اقتصادية خاصة تنشأ عن تنفيذ هذه التدابير الحق في أن تتذاكر مع مجلس الأمن بصدد حلّ هذه المشاكل) وهو ماينبغي أن تبادر اليه الحكومة العراقية في التذاكر مع الحكومة الامريكية لقطع الطريق على المشاكل الناشئة، وعلى عدم توتير الاجواء السياسية الداخلية..
خيارات المرحلة القادمة
من الصعب تحديد ملامح واضحة للمرحلة السياسية القادمة، ولطبيعة الخيارات التي ستعتمدها في ظل توافقات او تقاطعات القوى السياسية، والتي من شأنها أن تكون داعما لسياسات الحكومة القادمة، لاسيما على مستوى برنامجها في ادارة ملف السياسة الخارجية، والذي سيكون واحدا من أكثر الملفات تعقيدا، فمع تنامي نجاحات الدولة على المستوى الامني والسياسي، فإنّ هناك كثيرا من التحديات التي ستواجهها، لاسيما في التعاطي مع الملف الداخلي، والذي برزت ملامح مشكلاته من تصاعد التظاهرات والاحتجاجات الشعبية في مدن الوسط والجنوب، فضلا عن المشكلات التي لها علاقة بإعمار المدن المحررة من الارهاب الداعشي، وكذلك المشكلات الخاصة مع اقليم كوردستان، لاسيما ملف المادة 140، وملف كركوك، والنفط والمنافذ الحدودية والرواتب والبيشمركة والشراكة السياسية وهي قضايا ليست سهلة، وتتطلب مزيدا من الجهد والوقت الوضوح.
إنّ خيارات المرحلة مرهونة بطبيعة التطورات السياسية، والأطر التي ستتشكل فيها التحالفات السياسية، وعلى وفق توجهات تضمن نجاح الأداء السياسي، وتجاوز عقد الفشل السابقة، وادارة ملفات الأمن والاقتصاد والخدمات عبر خطط وبرامج وستراتيجيات تكفل توجهات التنمية الوطنية من جانب، وعدم الوقوع في أسر التوزيعات المحاصصاتية، أو حتى السياسية من جانب آخر، بما فيها السياسات التي لها علاقة بالأجندات الاقليمية والدولية، والذي تعني في جوهرها ضمان الاستقلالية في القرارات، وفي المواقف.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here