
حكمت البخاتي …
القيم حين تترسخ في الواقع تتحول الى تقاليد ومنبع التقاليد هو تمسك الحياة بهذه القيم وهو تعبير عن انتماء هذه الحياة الى هذه القيم التي تفرض او تنتج تقاليدها الخاصة بها وتكون صبغة الحياة العامة والخاصة , هكذا رسخت القيم التي انتجتها وقائع الطف وحوادث المأساة الراسخة في الوجدان الشيعي في كربلاء ومن ثم انعكست هذه القيم في احدى انعكاساتها المتعددة في تقاليد عاشوراء وفي صميم هذه التقاليد مسيرات الاحزان التي تنطلق من بقاع الدنيا نحو قبر سيد الشهداء وسبط النبي محمد ( ص ) وهي محطة تحولها الى تقاليد بفعل المشاركة الاجتماعية والشعبية الواسعة وهي بذلك تختزن امكانية التطوير لها نحو فعل حضاري وانساني بفعل الطبيعة الانسانية والنبيلة التي تنبعث في اطار الحزن التطهري والمعالج بقيم انسانية سامية .
اذا حفت بمفاهيمها كتقاليد راسخة قيم الوعي بأهمية بناء الذات والانسان والمجتمع من خلال التوجيه لجملة هذه التقاليد نحو القيم التي انتجتها كعطاء من عطاءات الامامة وفيض من فيوضات النبوة فالامامة وفق المعتقد الديني هي مخطط في السلوك في ادق تفاصيله يؤم الناس نحو الخير المطلق من هنا نشأت بالتزامن مع مفهومها فكرة او عقيدة العصمة التي تشترط الامامة كشرط لأنجازها وتحققها.
من هنا كانت مسيرة الاحزان المليونية في اربعينية سيد الشهداء ( عليه السلام ) مدعاة لأستلهام قيم العصمة في كفها عن الخطأ او الخطيئة ومحاسبة النفس في ادق سلوكياتها الشخصية والعامة وهي تعبر عن موقف الامامة في كل شؤون حياتنا وخصوصاً ما يتعلق منها بمحور النظام العام بأعتباره يمثل اليوم محوراً مهماً ورئيساً في حياتنا بحكم المحاولات المقصودة والمتعددة من قبل قوى الارهاب والفساد وأذرعهم السياسية في تخريب النظام العام وأرساء ثقافة الفوضى واللامبالاة كأحدى وسائله في محاولاته المتكررة في القضاء على التجربة الديمقراطية في البلد وبناء الدولة الحديثة التي يعتبر مفهومها هي اخطر ما يواجه فكرها الظلامي وعقيدتها اللانسانية واللادينية .