علي حسن الفواز …
الحرب والسلام الصعب هما خيار الرعب في شرقنا الاوسط، إذ ستفضي الحرب الى حروب صغيرة، لكنها أكثر بشاعة، مثلما سيفضي السلام الى سلسلة من المساومات التي تعني تجاوزا على تعقيدات تاريخية، وعلى ملفات من الصعب تغييبها هذه الثنائية تحولت للاسف الى مصدر قلق وتهديد للأمن القومي، وللامن الاجتماعي، ولبداهات التعايش في هذا الشرق الذي لم يعد سحريا، فالتسارع بالعسكرة والتسليح الغرائبي، والنزوع الى مايشبه الحرب الباردة، والى خلق مصدات طائفية ومناطقية، والى التهديد بالمصالح العامة، بات من أكثر العلامات الفارقة التي تحكم معادلات الحرب والسلام.
سلسلة العقوبات الامريكية على ايران، وربط السياسة الامريكية بمواقف اعلان الحصار الكامل عليها، يعني دفع جميع حلفاء الولايات المتحدة الى اتخاذ مواقف مماثلة، والى تسخين الارض السياسية، والامنية والاقتصادية، حتى بات النفط وهو اللعبة الأكثر قسوة في تأطير طبيعة الصراع الذي يحكم المنطقة، بالمقابل فإن الدول الاخرى ذات المواقف التي لاشأن لها بالسياسة الامريكية سيجدون أنفسهم أمام خيارات ضيقة جدا، فالولايات المتحدة تتصرف وكأنها الحاكم العالمي، وأن من لايقف معها في سياساتها سيكون ضدها، وسيتحمل اعباء اقتصادية وامنية وسياسية من الصعب مواجهة تداعياتها..
ثنائية الحرب والسلام وعلى وفق النظرية الامريكية ستدفع سباق التسلّح الى خطوطه الحمر، وستعيد انتاج الحرب القطبية باردة أو ساخنة بين الاعداء القدامى الجدد، أي مع روسيا أو مع الصين، وهي حروب ذات تمثلات ايديولوجية وتسويقية وتجارية وعسكرية ومناطق نفوذ، وهذا ماسيسبغ على ثنائية الحرب والسلام توصيفات عمومية، أو تضعها في سياق من سيختار الطلقة الاولى لاعلان المواجهة.
الشرق العربي وخيارات الرعب
يبدو أن أحداث مايسمى بـ(الربيع العربي) مازالت مستمرة، ومثيرة للجدل، والتي تتجلى عبر اسئلة الشارع العربي الباحث عن الحرية والعدالة، لكن طبائع التمثلات العسكرية التي مازالت تمسك بزمام الامور تجعل شعارات هذا الشارع أكثر عرضة للقلق، وربما للذهاب بعيدا عن تلك الاسئلة، من حيث ارتباط المجالس العسكرية بالانظمة السابقة، ومن حيث علاقتها بالنظرة الامريكية الى التحولات السياسية والامنية الحادثة في المنطقة، وهي أمور باتت تكشف عن سماتها، من خلال مواقف الولايات المتحدة ذاتها مع هذا الطرف أو ذاك، واخرها اتصال الرئيس الامريكي ترامب بالمشير الليبي خليفة حفتر، وهو طرف في التنازع العسكري والسياسي الليبي، أو رغبة المجلس العسكري السوداني بزيارة الولايات المتحدة للبحث في الية رفع اسم السودان من الدول الراعية للارهاب حسب التوصيف الامريكي..
كل هذا يجري، وأقيام شراء الاسلحة الامريكية آخذة بالتصاعد، ولدول لا قدرة لها باستيعاب هذه الترسانة العسكرية، حتى يبدو الأمر وكأن القضية لا علاقة لها بالاستعداد لحرب ما، أو حتى لحماية الامن القومي، بل بلعبة السوق وفرضية الشراء المستمر بتوصيفها التجاري وليس العسكري أو حتى الستراتيجي..
خيارات الرعب هي المجالات الضيقة التي لاترسم أفقا للمراجعة أو للقراءة، أو لاتخاذ الخيارات الضد، فأجواء الحرب هي السائدة، والتصريحات الامريكية الصاخبة هي الرسالة الاعلامية الواضحة، والتي تسعى الى دفع ايران للتفاوض، وعلى وفق النقاط الاثني عشرة التي حددها الرئيس ترامب، مثلما ستكون سببا في تضييق أفق الحلول السياسية للازمات المشتعلة في سوريا واليمن..
العراق بين السياسة وحرب الغاز