حسين علي الحمداني …
يمكننا القول إنّ أشد ما يمكن أن يواجه رئيس مجلس الوزراء المكلّف هي عقبة تسمية وزراء مستقلين في ظل نظام برلماني متعدد الأقطاب، وكل يبحث عن حصته من الوزارات وفق نظام أو تقليد بات يحكم العملية السياسية في العراق.
وهذه العقبة من شأنها أن تفشل أية محاولة لتشكيل حكومة بعيدا عن المحاصصة بكل مسمياتها وصنوفها التي يعرفها الجميع.
رغم أن كلّ التصريحات الإعلامية الصادرة عن الكتل السياسية تقول إنّها تركت لرئيس مجلس الوزراء حرية اختيار كابينته الوزارية بشكل مستقل وبعيدا عن الضغوطات، بل وجدنا بعض هذه الكتل تتنازل عن حصتها في الحكومة، لكننا وجدنا في مفاوضات أو حوارات تشكيل الحكومة هنالك تمسك شديد من قبل القوى السياسية بحصصها، وهو ما يعكس رغبتها في إبقاء ذات الآليات في تشكيل الحكومة، وهي الآليات المرفوضة شعبيا والتي كانت سببا رئيسا في الحالة التي يعيشها العراق حاليا.
وبالتأكيد فإنّ عملية تمرير الحكومة عبر البرلمان تحتاج لأغلبية وهذه الأغلبية أحيانا كثيرة تكون غير فعّالة في ظل إتباع مبدأ (التوافق)، وهذا يعني ضمنا إرضاء الجميع من دون استثناء كتلة صغيرة أو كبيرة ومهما كان عدد مقاعدها في البرلمان وفق نظرية ابتكرتها القوى السياسية تسمى (الاستحقاق الانتخابي) وهو ما يجعل – كما أشرنا – الجميع في الحكومة، ومن ثمّ تغيب المعارضة البرلمانية بشكل كبير جدا، ما يجعل العملية السياسية في البلد تسير بقدم واحدة فقط.
هذه الحالة من شأنها أن تمنع ولادة حكومة بوزراء مستقلين غير خاضعين لأحزاب وقوى سياسية، وهي في النهاية أيضا ستؤدي إلى وجود رئيس مجلس وزراء يعمل مع وزراء ولاؤهم الأول لرؤساء الكتل والأحزاب التي ينتمون إليها أكثر من ولائهم لرئيس مجلس الوزراء، والبلد بصورة عامة وهو ما يؤدي لضعف هذه الحكومة وعدم قدرتها على تحقيق جزء بسيط من برنامجها المعلن أمام البرلمان والشعب، ومن ثمّ من شأن هذه الحالة أن تعيد الشارع العراقي للغليان من أجل ولادة إصلاحات حقيقية في العملية السياسية والتي تكون انعكاساتها واضحة على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والصحي في البلد.
من هنا نجد أنّ القوى السياسية العراقية عليها أن تدرك أنّ عملية تشكيل الحكومة يجب أن تخضع لمعايير جديدة بعيدة عن التي ظلت سائدة في الحكومات السابقة لأنّ الواقع العراقي يتطلب هذه المعايير من جهة، ومن جهة ثانية مأزق القوى السياسية الحالي يتطلب منها أن تفكر بعقلية جديدة تخرجها من مأزقها خاصة، وإن من أبرز مهام الحكومة الجديدة هي التهيئة لانتخابات مبكرة أو في موعدها وهي فترة قصيرة جدا، وبذلك يمكن للقوى السياسية إن فكرت بشكل صحيح أن تترك لرئيس الوزراء حرية اختيار الوزراء بالطريقة التي يراها مناسبة لهذه المرحلة بالذات في ظل وجود تحديات كبيرة أبرزها بالتأكيد جائحة كورونا وهبوط أسعار النفط وما يتطلبه من معالجات اقتصادية من شأنها أن تديم الحياة في هذا البلد.