الحياء الاجتماعي

0
2218

د. حميد الطرفي ….
قبل اسبوع دعيت من أحد الإخوة التدريسين إلى احتفالية تقيمها واحدة من جامعاتنا سنوياً لتكريم بعض الطلبة وتقديم فعاليات مختلفة يؤديها الطلبة في الشعر والنثر والمسرح وفعاليات أخرى ، ولهذه الاحتفالات أكثر من أثر طيّب فهي تعرف الحضور بالجامعة ونشاطاتها وتكتشف مواهب الطلبة وتشجعها وتوطد العلاقة بين الطلبة وأساتذتهم وأكثر من ذلك تكسر حالة الرتابة والملل التي يعاني منها الطالب .
الاحتفالية جميلة وقدمت باسلوب جديد اذ اعتلى مسرح التقديم اثنين من العرفاء طالبة وطالب كانا مقتدرين في الالقاء يتحركان على المسرح عبر ايماءات وحركات تتمايل مع الكلمات ليشدا الجمهور ، جل الحضور طبعاً كان من طلبة الجامعة ، ولست أدري ربما من طلبة القسم الذي أعد الاحتفالية .
ما أثار انتباهي وجعلني أفكر ملياً وانا في الاحتفال وبعد الاحتفال هو وجود مقاطع صوتية تبث كفواصل بين مفردات البرنامج تشتمل إما على موسيقى أو أناشيد وطنية للحشد الشعبي فتعلو الهلاهل والزغاريد والتصفيق من الطلبة بحماس عاطفي كبير يستولي على الصوت الاصلي للفاصل فيبتسم العريفان على استحياء ، فللطلبة رغبة جامحة في أن يستمر النغم ليعبروا بحرية عن مكنونات انفسهم وينفسوا عن عواطفهم .
لست محللاً نفسياً ، ولا مصلحاً اجتماعياً ولكني كغيري ممن حضر الاحتفالية أو احتفاليات التخرج في القاعات والفنادق في الاونة الاخيرة يكتشف أن هناك مشاعر مكبوتة ، لا يرى لها الطلبة متنفساً فتنفجر في هذه الاحتفالات بشكل مثير ، وهي تكشف أن جزءً كبيراً من السلوك اليومي لطلبتنا الأعزاء مبني على أساس الحياء الاجتماعي وهو عامل من عوامل ضبط السلوك وليس على قناعة فكرية مستقرة في العقول والاذهان وهو يذكرنا بعشرات السيدات الايرانيات التي ترتدي الحجاب في بلادهن لكنهن يُسفرن عن وجوههن وشعورهن بمجرد أن تطأ اقدامهن ارض بلاد اجنبية .
وهنا طور الجدل القانوني حول مرجعية الدولة حين تكون دينية أو علمانية ففي الأولى تريد من المرافق العامة أن تحترم التوجهات الدينية للمجتمع ولهم ما يشاءون في حيلتهم الخاصة فالمجال العام يحترم دين الاغلبية والمجال الخاص للمرء وما يريد ، أما حين تكون الدولة ذات مرجعية علمانية فالمجال العام والخاص خالٍ من القيود الدينية وهناك من يذهب ابعد كما في فرنسا يمنع بقوة القانون أي مظهر ديني .
ما هو مهم أن يكتشف المصلحون أن خلق قناعات لدى الشباب تبعث على سلوكٍ ما أفضل بكثير من سلوكٍ يحركه العيب الاجتماعي أو محاسبة القانون .

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here