الرئيسية مقالات مبادرة السجناء السياسيين لمعالجة الانسداد السياسي : المضمون والافاق
نعيم ياسين …
في احتفالية اقامتها مؤسسة السجناء السياسيين في سجن ابي غريب / قسم الاحكام الخاصة بمناسبة اربعينية الامام الحسين (ع) في (8 / 9 / 2022) اطلق معالي رئيس المؤسسة وباسم السجناء السياسيين مبادرة لمعالجة الانسداد السياسي الذي يعيشه العراق منذ نهاية الانتخابات المبكرة التي اجريت في (21 / 10 / 2021). ان طرح مبادرة سياسية باسم السجناء السياسيين تتماشى وطبيعة تاريخ السجناء الاحرار وتضحياتهم الجسام التي قدموها لعراقهم من اجل تحريره من قبضة دكتاتورغاشم, فليس من طبائع الاشياء ان يضحي الاحرار في مواجهة الدكتاتورية والتي كانت تضحيات مضمخة بالدماء واليوم ينزوون بعيدا عن حراك سياسي مأزوم قد يدفع بالعراق الى الاسوأ !.
انطلقت المبادرة من ادراك عميق للاسباب, ومن تشخيص دقيق لمغذيات الازمة كما جاء في خطاب السيد رئيس المؤسسة: ” فالتركة الثقيلة التي خلفها النظام الدكتاتوري على واقع المجتمع ادخلت البلد في اعلى درجات التعقيد” الى جانب الوهم المتصور لدى البعض بان اصلاح ما فسد من الواقع انما يتم من خلال ” اعتماد القوة والاقصاء والتناحر وتبادل الاتهامات” وهو وهَمٌ لا ينتج شيئا لصالح العراق. تضمنت المبادرة السجنائية سبعة بنود, وهي موجهة بالاخص الى قوى الاطار التنسيقي والتيار الصدري باعتبارهما الكتلة الممثلة للاغلبية الوطنية.
نص البند الاول على ” ايقاف الحملات الاعلامية بين الاطراف والذهاب الى طاولة الحوار”.
ان من يراقب الاحداث التي شهدها العراق منذ سقوط النظام البائد يرى ان كثيرا من الاعلام محليا كان ام اقليميا ام دوليا وما يتضمنه من خطاب حقيقي او مزيف, كان الزيت الذي يؤجج نار الخلافات, لذلك لايمكن نجاح اي مبادرة او حوار مالم يسبقه وقف الحملات الاعلامية, وهو مبدأ معمول دوليا في معالجات الازمات. وفي البندين الرابع والخامس دعوة الى ” الاتفاق على تحديد السياسات العامة لمنهج الحكومة ” و ” ترك الخيار لرئيس الوزراء باختيار وزراء كابينته من بين مرشحي الكتل “.
ان الاتفاق على تحديد السياسات العامة للحكومة يعني مسؤولية الجميع عن المنهاج الحكومي ونجاحه, والمنهاج الحكومي وان كان منى مسؤولية رئيس الحكومة اساساً لكن قبوله ورفضه مسؤولية الكتل السياسية الممثلة في مجلس النواب, ولم تغفل المبادرة الحجر الاساس في نجاح الحكومة وهو حرية رئيسها في اختيار كابينته الوزارية حتى لو جرى العرف السياسي على تقاسم الوزارات على وفق الاستحقاق الانتخابي. ان حرية رئيس الوزراء المكلف في اختيار الكابينة الحكومية اكثر من ضرورة في الظروف التي يمر بها العراق اليوم كونه مازال ومنذ حكومة عبد المهدي يشهد تظاهرات وحراكا جماهيريا الامر الذي يجعل الحكومة القادمة امام مهمة معقدة وصعبة.
لم تغفل المبادرة في بندها السابع اطروحة الانتخابات المبكرة, وهي مطلب اساس للتيار الصدري بعد انسحاب الكتلة الممثلة له من مجلس النواب: ” الاتفاق على اقامة انتخابات مبكرة بعد سنة ونصف من تشكيل الحكومة”. ان الدعوة الى انتخابات مبكرة في مبادرة السجناء السياسيين تشخيص صائب لبعض اسباب الازمة ولا خلاف عليه بين الكتل السياسية من حيث المبدأ.
طرحت المبادرة من قبل معالي رئيس المؤسسة في وقت سبق توافقات الكتل السياسية الذي نتج عنه تحالف ادارة الدولة والاهداف التي رسمها هذا التحالف ليعمل عليها وهي اهداف جاءت متوافقة مع مبادرة السجناء مما يمكننا ان نصف المبادرة التي انطلقت من بطن الحوت في الاقسام الخاصة في سجن ابي غريب بانها تعكس وعيا سياسية عميقا لمشاكل العراق وفي مقدمتها الانسداد السياسي الذي كلما مر يوم عليه , انما يمر يوم اخر على ضياع بناء ما دمره اشرار النظام البائد.
Post Views: 1٬082